كل شيء مقارناً لارادتهم ومشيّتهم.

وهذا وان كان العقل لا يعارضه كفاحاً ، لكن الأخبار السالفة تمنع من القول به فيما عدا المعجزات ظاهراً بل صراحاً ، مع أن القول به قول بما لا يعلم ، إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم.

وما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان وأمثالها ، فلم يوجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد كونهم علّة غائية لايجاد جميع المكونات ، وأنه تعالى جعلهم مطاعين في الأرضين والسماوات ، ويطيعهم بإذن الله تعالى كل شيء حتى الجمادات ، وأنهم إذا شاءُوا أمراً لا يرد الله مشيئتهم ولكنهم لا يشاءُون إلا أن يشاء الله.

وأما ما ورد من الأخبار في نزول الملائكة والروح لكل أمر اليهم ، وأنه لا ينزل ملك من السماء لأمر إلا بدأ بهم ، فليس ذلك لمدخليتهم في ذلك ولا الاستشارة بهم ، بل له الخلق والأمر تعالى شأنه ، وليس ذلك إلا لتشريفهم وإكرامهم وإظهار رفعة مقامهم » (١).

وما ذكره هو الحقّ ، إلا أن ظواهر الآيات والروايات في المعاجز على خلاف ما اختاره ، لظهورها في كون المعجزات مستندة اليهم أنفسهم بإذن الله. قال سبحانه : ﴿ وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني المائدة : ١١٠. فان الخطابات دليل على أنهم عليهم‌السلام قائمون بها باذن الله. وللبحث مجال آخر.

الثاني : تفويض الحلال والحرام اليهم ، أي فوض اليهم أن يحللوا ما شاءُوا ويحرموا أيضاً ما شاءُوا ، وهذا أيضاً ضروري البطلان ، فان النبي ليس

__________________

١ ـ بحار الانوار : ٢٥ / ٣٤٧.

٢ ـ

۵۳۱۱