الظّاهر بمراتب ، لأنَّ أهل قم كان من شأنهم عدم الوثوق بمن يروي عن الضعفاء ، بل كانوا يخرجونه من بلدهم ، فكيف بمن كان هو في نفسه فاسقاً أو على غير الطَّريقة الحقَّة. فتحقّق نشر الأخبار بينهم يدلّ على كمال جلالته ومع ذلك لم يصرِّح فيه أحد بالتّوثيق والتّعديل (١).
الخامس : تفضيح الناس في هذا العلم
إنَّ علم الرجال علم منكر يجب التحرّز عنه ، لأنَّ فيه تفضيحاً للنّاس ، وقد نهينا عن التجسّس عن معايبهم وأمرنا بالغضّ والتستّر.
وفيه أوّلاً : النقض بباب المرافعات. حيث إنّ للمنكر جرح شاهد المدَّعي وتكذيبه ، وبالأمر بذكر المعايب في مورد الاستشارة ، إلى غير ذلك ممّا يجوز فيه الاغتياب.
وثانياً : إنَّ الأحكام الالهيَّة أولى بالتحفّظ من الحقوق التي اُشير اليها.
أضف إلى ذلك أنَّه لو كان التفحّص عن الرواة أمراً مرغوباً عنه ، فلماذا أمر الله سبحانه بالتثبّت والتبيّن عند سماع الخبر ، إذ قال سبحانه : ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا ﴾ (٢).
والأمر به وإن جاء في مورد الفاسق ، لكنَّه يعمُّ المجهول للتّعليل الوارد في ذيل الآية ﴿ أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ فإنَّ احتمال إصابة القوم بجهالة لا يختصّ بمن علم فسقه ، بل يعمّ محتمله كما لا يخفى.
السادس : قول الرجالي وشرائط الشهادة
لو قلنا باعتبار قول الرجالي من باب الشَّهادة ، يجب أن تجتمع فيه
__________________
١ ـ تنقيح المقال : ١ / ١٧٦ من المقدمة.
٢ ـ الحجرات : ٦.