إمامة أئمتنا بالنصوص المتواترة فلا محالة بحكم هذه الآية المباركة كانوا معصومين من أول حياتهم إلى مماتهم.
ومنها : قوله تعالى : ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ (١) لتواتر الأخبار الدالّة على نزولها في الخمسة الطاهرة ، وقد أورد جملة منها في غاية المرام ودلائل الصدق ، وقد صنّف في تلك الآية كتب قيمة (٢).
وهذه الأخبار المتواترة تشهد على أنّ المراد من أهل البيت هم أهل بيت النبوّة لا الأزواج ولا مطلق الأنساب ، فالقول بأنّ سياق الآيات ، والمناسبة بينها يقتضي أنّها نزلت في أزواج النبيّ مردود ؛ لأنّه اجتهاد في قبال النصوص الصريحة الصحيحة ، هذا مضافا إلى أنّه لو كانت نازلة في حقّ الأزواج لزم تأنيث الضمائر ، إذ في هذا الفرض ليس المخاطبون بها إلّا الإناث.
قال في دلائل الصدق بعد نقل هذا القول الفاسد ، وفيه أوّلا : أنّ مناسبة النظم لا تعارض ما تواتر بنزولها في الخمسة الطاهرين أو الأربعة خاصة.
وثانيا : أنّا نمنع المناسبة لتذكير الضمير بعد التأنيث ، ولتعدد الخطاب والمخاطب ، وإنّما جعل سبحانه هذه الآية في أثناء ذكر الأزواج ، وخطابهن للتنبيه على أنّه سبحانه إنّما أمرهن ونهاهن وأدبهن إكراما لأهل البيت ، وتنزيها لهم ، عن أن تنالهم بسببهن وصمة وصونا لهم عن أن يلحقهم من أجلهن عيب ، ورفعا لهم عن أن يتصل بهم أهل المعاصي ؛ ولذا استهل سبحانه الآيات بقوله : ﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ﴾ ضرورة أنّ هذا التمييز إنّما هو للاتصال بالنبيّ وآله ، لا لذواتهن ، فهنّ في محلّ ، وأهل البيت في محلّ آخر ،
__________________
(١) الأحزاب : ٣٣.
(٢) راجع كتاب آية التطهير في احاديث الفريقين وكتاب أصحاب الكساء وغيرهما.