بأسناد صحيحة عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله ـ عليهماالسلام ـ : «نحن الامّة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه» ، وعن الحسكاني في شواهد التنزيل ، عن سليم الهلالي عن علي (ع) : نحن الّذين قال الله : ﴿جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾. وعن العيّاشي عن ابن أبي عمير الزبيري عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ في هذه الآية «أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر ، يطلب الله شهادته يوم القيامة ، ويقبلها منه بحضرة جميع الامم الماضية ، كلا لم يعن الله مثل هذا من خلقه» (١).
فهذا المقام مقام رفيع مخصوص بهم ، ومقتضاه هو إشرافهم على الناس وأعمالهم ونيّاتهم ، بحيث يسرهم إذا كانوا على خير ، ويحزنهم إذا كانوا على معصية ، كما دلّت عليه النصوص.
هذا مضافا إلى دلالة الآية الشريفة على أنّ هؤلاء الشهداء موجودون بين الناس ، إذ الشهادة على الناس غير ممكنة بدون الحضور ، كما دلّ عليه ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ في قول الله عزوجل : ﴿فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً﴾ قال : نزلت في أمّة محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ خاصة ، في كلّ قرن منهم إمام منّا شاهد عليهم ومحمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ شاهد علينا. (٢)
وفي نهاية البحث نقول : إنّ شهادتهم على الجميع تحكي عن علوّ شأنهم ومقامهم بالنسبة إلى الجميع ، وعن طهارتهم وعصمتهم ، وإلّا فلم تقبل شهادتهم كذلك ، ولعلّ إليه يشير ما روي عن مولانا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : «إنّ الله تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته
__________________
(١) راجع تفسير آلاء الرحمن : ص ١٣٣ ، تفسير نور الثقلين : ج ١ ص ١١٣.
(٢) الاصول من الكافي : ج ١ ص ١٩٠.