والعدوان من بينهم.
وعلى هذا فالإمامة استمرار للنبوّة والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول.
فلذلك نقول : إنّ الإمامة لا تكون إلّا بالنصّ من الله تعالى على لسان النبيّ أو لسان الإمام الذي قبله ، وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس ، فليس لهم إذا شاءوا أن ينصبوا أحدا نصبوه وإذا شاءوا أن يعيّنوا إماما لهم عينوه ، ومتى شاءوا أن يتركوا تعيينه تركوه ؛ ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض.
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى سواء أبى البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم يناصروه ، أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس ، إذ كما يصحّ أن يغيب النبيّ كغيبته في الغار والشعب ، صحّ أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
قال الله تعالى : ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾ الرعد : ٨ وقال : ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾ فاطر : ٢٢ (١)
(١) يقع الكلام في مقامات :
المقام الأوّل : في معنى الإمامة لغة : وهي بحسبها تقدّم شخص على الناس بنحو يتبعونه ويقتدون به ، فالإمام هو المقتدى به والمتقدّم على الناس. قال في المفردات : والإمام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله أو فعله أو كتابا أو غير