بوجود أحكام مفروضة عليه يجب أن يقطع بفراغ ذمته منها ، فإنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
والدليل القطعيّ دالّ على وجوب الرجوع إلى آل البيت ، وأنّهم المرجع الأصلي بعد النبيّ لأحكام الله المنزلة ، وعلى الأقلّ قوله ـ عليه أفضل التحيات ـ : «إنّي قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ألا وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». وهذا الحديث اتفقت الرواية عليه من طرق أهل السنّة والشيعة ، فدقق النظر في هذا الحديث الجليل تجد ما يقنعك ويدهشك في مبناه ومعناه ، فما أبعد المرمى في قوله : (إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا) والّذي تركه فينا هما الثقلان معا إذ جعلهما كأمر واحد ، ولم يكتف بالتمسك بواحد منهما فقط ، فيهما معا لن تضل بعده أبدا.
وما أوضح المعنى في قوله : «لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» فلا يجد الهداية أبدا من فرّق بينهما ولم يتمسك بهما معا فلذلك كانوا «سفينة النجاة» و «أمانا لأهل الأرض» ومن تخلّف عنهم غرق في لجج الضلال ، ولم يأمن من الهلاك. وتفسير ذلك بحبهم فقط من دون الأخذ بأقوالهم واتباع طريقهم ، هروب من الحق لا يلجأ إليه إلّا التعصب والغفلة عن المنهج الصحيح في تفسير الكلام العربيّ المبين (١).
(١) ولا بأس بذكر امور :
الأوّل : أنّ الأئمة ـ عليهمالسلام ـ هم أولو الأمر الّذين يكون طاعتهم مطلقا