وعلومك بكشفه؟ يقال له : لا سبيل حينئذ إلّا أن تذعن صاغرا للاعتراف بهذه الحقيقة التي أخبر عنها مدبّر الكائنات العالم القدير ، وخالقك من العدم والرميم. وكلّ محاولة لكشف ما لا يمكن كشفه ، ولا يتناوله علمك ، فهي محاولة باطلة ، وضرب في التيه ، وفتح للعيون في الظلام الحالك أنّ الإنسان مع ما بلغ من معرفة في هذه السنين الأخيرة ، فاكتشف الكهرباء والرادار واستخدم الذرّة ، إلى أمثال هذه الاكتشافات التي لو حدّث عنها في السنين الخوالي ، لعدّها من أوّل المستحيلات ومن مواضع التندّر والسخريّة ، إنّه مع كلّ ذلك لم يستطع كشف حقيقة الكهرباء ولا سرّ الذرة ، بل حتّى حقيقة احدى خواصّها وأحد أوصافها ، فكيف يطمع أن يعرف سرّ الخلقة والتكوين ، ثم يترقّى فيريد أن يعرف سرّ المعاد والبعث.
نعم ينبغي للإنسان بعد الإيمان بالإسلام أن يجتنب عن متابعة الهوى ، وأن يشغل فيما يصلح أمر آخرته ودنياه وفيما يرفع قدره عند الله وأن يتفكر فيما يستعين به على نفسه ، وفيما يستقبله بعد الموت من شدائد القبر والحساب بعد الحضور بين يدي الملك العلّام ، وأن يتّقي ﴿يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ (١).
(١) ويقع البحث في مقامات :
الأوّل : في أنّ المعاد بفتح الميم في الاصطلاح هو زمان عود الروح إلى بدنه الذي تعلّق به في الحياة الدنيا ، فالمراد به هو يوم القيامة أو هو مكان عود الروح