رغبة اخرى أقوى كعقيدته بالعدل إذا حصلت التي تكون جزء من رغباته بل جزء من نفسه.

وهذه العقيدة المثالية لأجل أن تتكون في نفس الإنسان تتطلب منه أن يسمو بروحه على الاعتبارات الماديّة ، ليدرك المثال الأعلى في العدل والإحسان إلى الغير ، وذلك بعد أن يعجز أن يتكون في نفسه شعور الاخوّة الصادق والعطف بينه وبين أبناء نوعه.

فأوّل درجات المسلم التي يجب أن يتّصف بها أن يحصل عنده الشعور بالاخوّة مع الآخرين فإذا عجز عنها ـ وهو عاجز على الأكثر لغلبة رغباته الكثيرة وأنانيّته ـ فعليه أن يكون في نفسه عقيدة في العدل والإحسان اتباعا للإرشادات الإسلامية ، فإذا عجز عن ذلك فلا يستحقّ أن يكون مسلما إلّا بالاسم وخرج عن ولاية الله ولم يكن لله فيه نصيب على حد التعبير الآتي للإمام. والإنسان على الأكثر تطغى عليه شهواته العارمة فيكون من أشقّ ما يعانيه أن يهيئ نفسه لقبول عقيدة العدل ، فضلا عن أن يحصل عليها عقيدة كاملة تفوق بقوّتها على شهواته.

فذلك كان القيام بحقوق الاخوّة من أشقّ تعاليم الدين إذا لم يكن عند الإنسان ذلك الشعور الصادق بالاخوّة. ومن أجل هذا أشفق الإمام أبو عبد الله الصادق ـ عليه‌السلام ـ أن يوضح لسائله وهو أحد أصحابه «المعلى بن خنيس» عن حقوق الإخوان أكثر مما ينبغي أن يوضح له خشية أن يتعلم ما لا يستطيع أن يعمل به. قال المعلى (١) :

__________________

(١) راجع الوسائل : كتاب الحج ، أبواب أحكام العشرة ، الباب ١٢٢ ، الحديث ٧.

۲۸۱۱