روح العطف على الفقير ، وحمله على حسن العشرة والسلوك والتحبب إلى مخالطة الناس. فإنّ من آدابها : ما ينبغي أن يصنع قبل البدء بالدخول في «المرقد المطهّر» وزيارته.

ومنها : ما ينبغي أن يصنع في أثناء الزيارة وفيما بعد الزيارة. ونحن هنا نعرض بعض هذه الآداب للتنبيه على مقاصدها التي قلناها :

١ ـ من آدابها أن يغتسل الزائر قبل الشروع بالزيارة ويتطهّر ، وفائدة ذلك فيما نفهمه واضحة ، وهي أن ينظف الإنسان بدنه من الأوساخ ليقيه من كثير من الأمراض والأدواء ، ولئلا يتأفّف من روائحه الناس (١) ، وأن يطهّر نفسه من الرذائل. وقد ورد في المأثور أن يدعو الزائر بعد الانتهاء من الغسل لغرض تنبيه على تلكم الأهداف العالية فيقول : «اللهم اجعل لي نورا وطهورا وحرزا كافيا من كلّ داء وسقم ومن كلّ آفة وعاهة ، وطهّر به قلبي وجوارحي وعظامي ولحمي ودمي وشعري وبشري ، ومخّي وعظمي وما أقلّت الأرض منّي ، واجعل لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي».

٢ ـ أن يلبس أحسن وأنظف ما عنده من الثياب ، فإنّ في الإناقة في الملبس في المواسم العامّة ما يحبّب الناس بعضهم إلى بعض ويقرّب بينهم ويزيد في عزّة النفوس والشعور بأهميّة الموسم الذي يشترك فيه.

ومما ينبغي أن نلفت النظر إليه في هذا التعليم أنه لم يفرض فيه أن يلبس الزائر أحسن الثياب على العموم ، بل يلبس أحسن ما يتمكن

__________________

(١) قال امير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : «تنظفوا بالماء من الريح المنتنة وتعهدوا انفسكم ، فان الله يبغض من عباده القاذورة الذي يتأفف من جلس إليه» تحف العقول : ص ٢٤.

۲۸۱۱