وأمّا الإشكال في إمكان الرجعة فلا وقع له بعد وقوعها في الامم السالفة كما نصّ عليه في القرآن الكريم كقوله تعالى : ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١).
وقال في الإيقاظ من الهجعة : «فهذه الآية صريحة ، في أنّ المذكور فيها مات مائة سنة ثم أحياه الله وبعثه إلى الدنيا وأحيا حماره ، وظاهر القرآن يدلّ على أنّه من الأنبياء لما تضمّنه من الوحي والخطاب له ، وقد وقع التصريح في الأحاديث الآتية بأنّه كان نبيّا ، ففي بعض الروايات أنّه ارميا النبيّ ، وفي بعضها أنّه عزير النبيّ ـ عليهماالسلام ـ وقد روى ذلك العامة والخاصة» (٢).
وكقوله تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ...﴾ (٣). قال في الإيقاظ من الهجعة : «وقد روت الأحاديث الآتية وغيرها أنّ المذكورين في هذه الآية كانوا سبعين ألفا فأماتهم الله مدة طويلة ثم أحياهم فرجعوا إلى الدنيا وعاشوا أيضا مدة طويلة» (٤).
وكقوله تعالى : «يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ـ إلى قوله ـ : وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ
__________________
(١) البقرة : ٢٥٩.
(٢) المصدر : ص ٧٩.
(٣) البقرة : ٢٤٣.
(٤) المصدر : ص ٧٨.