فلا وجه لإدراج النبوّة فيها أيضا. قال في دلائل الصدق : ويشهد لكون الإمامة من اصول الدين أنّ منزلة الإمام كالنبيّ في حفظ الشرع ووجوب اتباعه والحاجة إليه ورئاسته العامّة بلا فرق ، وقد وافقنا على أنّها أصل من اصول الدين جماعة من مخالفينا كالقاضي البيضاوي في مبحث الأخبار ، وجمع من شارحي كلامه ، كما حكاه عنهم السيد السعيد رحمهالله (١).
نعم لو كانت الإمامة بمعنى خصوص الزعامة الاجتماعيّة والسياسية ، فالإنصاف أنّها من فروع الدين كسائر الواجبات الشرعيّة من الصوم والصلاة وغيرها ، لا من اصولها ، فما ذهب إليه جماعة من المخالفين من كون الإمامة من اصول الدين مع ذهابهم إلى أنّ الإمامة بمعنى الزعامة الاجتماعية والسياسية منظور فيه.
وإليه أشار الاستاذ الشهيد المطهري ـ قدسسره ـ حيث قال : إن كانت مسألة الإمامة في هذا الحد يعني الزعامة السياسيّة للمسلمين بعد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ فالانصاف أنّا معاشر الشيعة جعلنا الإمامة من أجزاء فروع الدين لا اصوله ونقول : إنّ هذه المسألة مسألة فرعية كالصلاة ، ولكن الشيعة الّتي تقول بالإمامة لا يكتفون في معنى الإمامة بهذا الحد (٢).
ثم إنّه يمكن الاستدلال لذلك مضافا إلى ما ذكر بقوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ﴾ (٣) فإنّ الآية بعد كونها نازلة في الإمامة والولاية عند أواخر حياة الرسول ـ صلىاللهعليهوآله ـ دلّت على أنّها أصل من اصول الدين ، إذ الإمامة على ما تدل عليه الآية المباركة أمر لو لم يكن كان كأن لم يكن شيء من الرسالة والنبوة ، فهذه تنادي بأعلى صوت أنّ الإمامة من الأجزاء الرئيسية الحياتية للرسالة والنبوة ، فكيف
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٨.
(٢) امامت ورهبرى : ص ٥٠ ـ ٥١.
(٣) المائدة : ٦٧.