تاسعها : أنّ الارتباط مع الإمام الثاني عشر ـ عليه‌السلام ـ صار منقطا من زمن الغيبة الكبرى ؛ إذ لا يكون له محل معلوم حتى نرجع إليه ، أو نسأل عنه ، أو نتصل معه ونراه ، أو نكتب إليه ونأخذ الجواب ، ولكن المنقطع هو بعض الأنواع من الارتباط الذي كان مألوفا بينه وبين الشيعة ، وبقي أنواع اخر ، وهو أنّه ـ عليه‌السلام ـ يرانا ولا نراه إلّا إذا يرينا نفسه ويحضر بعض مجالسنا ، ويزور الحسين وسائر الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ ويحجّ ويحضر المواسم ، ويجيب بعض من يليق لجوابه ، وينظر إلى أعمال الشيعة وخواصّه ، ويسرّ من حسناتهم ، ويغضب من سيئاتهم ، ويعين وكلاءه العامّة بالدعاء والإرشاد والتصرّف في قلوبهم ، ويشرف على أحوال الشيعة ، فإذا اتصلوا إليه بالدعاء للفرج والتوسل والاستشفاع به أقبل عليهم ويدعو لهم ، ويطلب من الله تعالى أن يقضي حوائجهم ، وقد ورد في توقيعه ـ عليه‌السلام ـ إلى الشيخ المفيد : إنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء (١).

وهذه الارتباطات معلومة واضحة ، لمن أمعن النظر في جوامع الحديث والحكايات الواردة في هذه الاتصالات ، وليست هي بقليلة طيلة الغيبة الكبرى ؛ إذ كثير جدا من رآه ومن استشفى به فأشفاه ، ومن استجاب منه فأجاب ، وقد ثبت عندي مع قلة اطلاعي جملة من ذلك في عصري ، وما إليه قريب.

منها : أنّه ـ عليه‌السلام ـ حضر لإقامة صلاة الميت على أم بعض أصدقاء أبي ـ رحمهما‌الله ـ بعد تشييعها وتجهيزها في صحن ابن بابويه ـ قدس‌سره ـ في الري.

ومنها : أنّه حضر في مجلس دعاء الندبة الذي كان يقيمه الشيخ الزاهد

__________________

(١) مكيال المكارم : ج ١ ص ٤٤

۲۸۱۱