المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين ، الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهّاب فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره هيهات هيهات ، ضلت العقول وتاهت الحلوم (١) ، وحارت الألباب ، وخسئت العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتحيّرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الألبّاء ، وكلّت الشعراء ، وعجزت الادباء ، وعييت (٢) البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله ، وأقرّت بالعجز والتقصير ، وكيف يوصف بكلّه ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شيء من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ، ويغني غناه ، لا كيف وأنّى وهو بحيث النجم من يد المتناولين ، ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا ، وأين العقول عن هذا ، وأين يوجد مثل هذا؟ ـ إلى أن قال ـ : والقرآن يناديهم : «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (٣) ـ إلى أن قال ـ : فكيف لهم باختيار الإمام؟ والإمام عالم لا يجهل ، وراع لا ينكل (٤) ، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرسول ونسل المطهرة البتول ، لا مغمز (٥) فيه في نسب ، ولا يدانيه ذو حسب (٦) ، فالبيت من قريش والذروة (٧) من هاشم
__________________
(١) أي ضلّت الحلوم أي العقول.
(٢) بكسر الياء الأولى أي عجزت.
(٣) القصص : ٦٨.
(٤) أي لا يمتنع ولا يضعف ولا يجبن.
(٥) المغمز : اسم مكان من الغمز أي الطعن ، ويأتي أيضا بمعنى العيب.
(٦) الحسب الشرف بالإباء وما يعدّه الإنسان من مفاخره.
(٧) بضم الذال أي أعلى الشيء.