الظلم واستشراء الفساد في العالم على وجه ، لا تجد للعدل والصلاح موضع قدم في الممالك المعمورة ، ومع ما نرى من انكفاء المسلمين أنفسهم عن دينهم وتعطيل أحكامه وقوانينه في جميع الممالك الإسلامية ، وعدم التزامهم بواحد من الألف من أحكام الإسلام ، ونحن مع كلّ ذلك لا بدّ أن ننتظر الفرج بعودة الدين الإسلامي إلى قوّته وتمكينه من إصلاح هذا العالم المنغمس بغطرسة الظلم والفساد.

ثم لا يمكن أن يعود الإسلام إلى قوّته وسيطرته على البشر عامّة ، وهو عليه اليوم وقبل اليوم من اختلاف معتنقيه في قوانينه وأحكامه وفي أفكارهم عنه ، وهم على ما هم عليه اليوم وقبل اليوم من البدع والتحريفات في قوانينه والضلالات في ادعاءاتهم.

نعم لا يمكن أن يعود الدين إلى قوّته إلّا إذا ظهر على رأسه مصلح عظيم يجمع الكلمة ، ويردّ عن الدين تحريف المبطلين ، ويبطل ما الصق به من البدع والضلالات بعناية ربّانيّة وبلطف إلهي ، ليجعل منه شخصا هاديا مهديّا ، له هذه المنزلة العظمى والرئاسة العامّة والقدرة الخارقة ، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. والخلاصة أنّ طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم مع الإيمان بصحة هذا الدين وأنّه الخاتمة للأديان يقتضي انتظار هذا المصلح «المهديّ (ع)» ، لإنقاذ العالم ممّا هو فيه.

ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة ، بل الامم من غير المسلمين غير أنّ الفرق بين الإمامية وغيرها هو أنّ الإمامية تعتقد أنّ هذا المصلح المهدي هو شخص معيّن معروف ولد سنة ٢٥٦ هجرية ولا

۲۸۱۱