بحيث صار مفاد الحديث عند الشيعة قطعيّا ويقينيّا كما لا يخفى. فالحديث مع ما قد خفّ به من القرائن نصّ جليّ على خلافة عليّ ـ عليهالسلام ـ وعلى وجوب الاتباع له ، كوجوب الاتباع عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ هذا كلّه بالنسبة إلى حديث الغدير وبقية الكلام تطلب من دلائل الصدق والغدير والمراجعات وغير ذلك.
وأمّا الكلام في حديث المنزلة فوجه الاستدلال به كما في العقائد الحقّة أنّ المستفاد من هذا الخبر ثبوت جميع منازل هارون من موسى ، واستثنى منزلة النبوّة ، ومن جملة المنازل الخلافة بعده (١).
بل يمكن أن يستفاد من حديث المنزلة خلافته وإمامته من زمان حياة الرسول الأعظم ـ صلىاللهعليهوآله ـ.
قال في دلائل الصدق ونعم ما قال : لا ريب أنّ الاستثناء دليل العموم ، فتثبت لعليّ ـ عليهالسلام ـ جميع منازل هارون الثابتة له في الآية سوى النبوّة ، ومن منازل هارون الإمامة ؛ لأنّ المراد بالأمر في قوله تعالى : ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ هو الأعمّ من النبوّة التي هي التبليغ عن الله تعالى ومن الإمامة ، التي هي الرئاسة العامّة ، فإنّهما أمران مختلفان ، إلى أن قال ـ : ويشهد للحاظ الإمامة وإرادتها من الأمر في الآية الأخبار السابقة المتعلّقة بآخر الآيات ، التي ذكرناها في الخاتمة المصرّحة تلك الأخبار بأنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ دعا فقال : «اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى ، أن تشرح لي صدري ، وأن تيسر لي أمري ، وتحلّ عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، عليّا أخي اشدد به أزري ، وأشركه في أمري» فإنّ المراد هنا بالاشراك في أمره هو الإشراك بالإمامة لا الإشراك بالنبوّة كما هو ظاهر ، ولا المعاونة على تنفيذ
__________________
(١) العقائد الحقة : ص ٢٠.