حمل قوله : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» على العهد لأمير المؤمنين بالخلافة لا على بيان الحبّ والنصرة ، ولا سيّما مع قوله في رواية الحاكم : «إنّي تركت» إلى آخره الدالّ على الحاجة إلى عترته وكفايتهم مع الكتاب في ما تحتاج إليه الامة ، وقوله في رواية الصواعق : «إنّي سائلكم عنهما» وقوله : «لن يفترقا» بعد أمره بالتمسك بالكتاب ، فإنّ هذا يقتضي وجوب التمسك بهم واتباعهم ، فيسأل عنهم وذلك لا يناسب إلّا الإمامة (١).
القرينة السادسة : هي كما في دلائل الصدق قرائن الحال الدالة على أنّ ما أراد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ بيانه هو أهم الامور وأعظمها كأمره بالصلاة جامعة في السفر بالمنزل الوعر بحرّ الحجاز وقت الظهيرة مع إقامة منبر من الاحداج له ، وقيامه خطيبا بين جماهير المسلمين ، الذين يبلغ عددهم مائة ألف أو يزيدون ، فلا بدّ مع هذا كلّه أن يكون مراد النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ بيان إمامة أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ التي يلزم إيضاح حالها والاهتمام بشأنها وإعلام كلّ مسلم بها ، لا مجرد بيان أن عليّا محبّ لمن أحببته ، وناصر لمن نصرته ، وهو لا أمر ولا إمرة له ، وعلى هذا فبالنظر إلى خصوص كلّ واحدة من تلك القرائن الحالية والمقالية ، فضلا عن مجموعها ، لا ينبغي أن يشكّ ذو ادراك في إرادة النصّ على عليّ ـ عليهالسلام ـ بالإمامة ، وإلّا فكيف تستفاد المعاني من الألفاظ ، وكيف يدلّ الكتاب العزيز أو غيره على معنى من المعاني ، وهل يمكن أن لا تراد الإمامة وقد طلب أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ من الصحابة بمجمع الناس بيان الحديث ، ودعا على من كتمه ؛ إذ لو اريد به مجرد الحبّ والنصرة لما كان محلا لهذا الاهتمام ، ولا كان مقتض لأن يبقى في أبي الطفيل منه شيء وهو أمر ظاهر ليس به عظيم فضل ، حتّى قال له زيد بن أرقم : ما
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٥٨.