كلام صاحب الفصول في جواز إرادة كليهما منها
إنّ الرواية تدلّ على أصلين :
أحدهما : أنّ الحكم الأوّلي للأشياء ظاهرا هي الطهارة مع عدم العلم بالنجاسة ، وهذا لا تعلّق له بمسألة الاستصحاب.
الثاني : أنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة ، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئيّاته (١) ، انتهى.
المناقشة فيما أفاده صاحب الفصول
أقول : ليت شعري ما المشار إليه بقوله : «هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة»؟
فإن كان هو الحكم المستفاد من الأصل الأوّلي ، فليس استمراره ظاهرا ولا واقعا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة ، بل هو مستمرّ إلى زمن نسخ هذا الحكم في الشريعة ، مع أنّ قوله : «حتّى تعلم» إذا جعل من توابع الحكم الأوّل الذي هو الموضوع للحكم الثاني ، فمن أين يصير الثاني مغيّا به؟! إذ لا يعقل كون شيء في استعمال واحد غاية لحكم ولحكم آخر يكون الحكم الأوّل المغيّا موضوعا له.
وإن كان هو الحكم الواقعيّ المعلوم ـ يعني أنّ الطهارة إذا ثبتت واقعا في زمان ، فهو مستمرّ في الظاهر إلى زمن العلم بالنجاسة ـ فيكون الكلام مسوقا لبيان الاستمرار الظاهريّ فيما علم ثبوت الطهارة له واقعا في زمان ، فأين هذا من بيان قاعدة الطهارة من حيث هي للشيء المشكوك من حيث هو مشكوك؟!
ومنشأ الاشتباه في هذا المقام : ملاحظة عموم القاعدة لمورد الاستصحاب ، فيتخيّل أنّ الرواية تدلّ على الاستصحاب ، وقد عرفت (٢) :
__________________
(١) الفصول : ٣٧٣.
(٢) راجع الصفحة ٧٣.