الشرع ، كالمذي المشكوك في كونه ناقضا للطهارة ، مع العلم بعدم كونه مصداقا للرافع المعلوم [مفهومه] وهو البول.
الثالث : فيما إذا كان الشكّ من أجل الجهل بصفة الموجود في كونه مصداقا للرافع المعلوم مفهومه ، أو من أجل الجهل بها في كونه مصداقا للرافع المجهول مفهومه.
مثال الأوّل الشكّ في الرطوبة الخارجة في كونها بولا أو مذيا ، مع معلوميّة مفهوم البول والمذي وحكمهما.
ومثال الثاني الشكّ في النوم الحادث في كونه غالبا للسمع والبصر ، أو غالبا للبصر فقط ، مع الجهل بمفهوم النوم الناقض في أنّه يشمل النوم الغالب للبصر فقط.
ورأى الشيخ قدسسره أنّ الاستصحاب يجري في جميع هذه الأقسام ، سواء كان شكّا في وجود الرافع أو في رافعيّة الموجود بأقسامه الثلاثة ، خلافا للمحقّق السبزواريّ ؛ إذ اعتبر الاستصحاب في الشكّ في وجود الرافع فقط ، دون الشكّ في رافعيّة الموجود ، كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك.
ب : مدى دلالة الأخبار على هذا التفصيل
قال الشيخ الأعظم قدسسره : «إنّ حقيقة النقض هو رفع الهيئة الاتّصاليّة ، كما في نقض الحبل. والأقرب إليه ـ على تقدير مجازيّته ـ هو رفع الأمر الثابت» إلى أن قال : «فيختصّ متعلّقه بما من شأنه الاستمرار». (١)
وعليه ، فلا يشمل اليقين المنهيّ عن نقضه بالشكّ في الأخبار اليقين إذا تعلّق بأمر ليس من شأنه الاستمرار ، أو المشكوك استمراره.
توضيح مقصوده ـ مع المحافظة على ألفاظه حدّ الإمكان ـ أنّ النقض لغة لمّا كان معناه رفع الهيئة الاتّصاليّة (٢) كما في نقض الحبل ، فإنّ هذا المعنى الحقيقيّ ليس هو المراد من الروايات قطعا ؛ لأنّ المفروض في مواردها طروّ الشكّ في استمرار المتيقّن ، فلا هيئة
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٧٤.
(٢) ولا يخفى أنّ النقض في اللغة لم يفسّر برفع الهيئة الاتصاليّة ، بل فسّر بإفساد ما أبرم ، كما يأتي.