الهيئة الاتّصاليّة ليس واضحا ، بل ليس صحيحا ؛ إذ أنّ مقابل الاتّصال الانفصال ، فيكون معنى النقض حينئذ انفصال المتّصل. وهو بعيد جدّا عن معنى نقض العهد والعقد.

أقول : ليس من البعيد أن يريد الشيخ قدس‌سره من الاتّصال ما يقابل الانحلال ، وإن كان ذلك على نحو المسامحة منه في التعبير ، (١) لا ما يقابل الانفصال ، فلا إشكال.

٢. المناقشة الثانية : ـ وهي أهمّ مناقشة ـ عليها تبتني صحّة استدلاله على التفصيل ، أو بطلانه. وحاصلها أنّ هذا التوجيه من الشيخ قدس‌سره للاستدلال يتوقّف على التصرّف في اليقين بإرادة المتيقّن منه ، كما نبّه عليه نفسه ؛ (٢) لأنّه لو كان النقض مستندا إلى نفس اليقين ـ كما هو ظاهر التعبير ـ فإنّ اليقين بنفسه مبرم ومحكم ، فيصحّ إسناد النقض إليه ، ولو لم يكن لمتعلّقه في ذاته استعداد البقاء ؛ ضرورة أنّه لا يحتاج فرض الإبرام في المنقوض إلى فرض أن يكون متعلّق اليقين ثابتا ومبرما في نفسه ، حتى تختصّ حرمة النقض بالشكّ في الرافع.

ولكن لا تصحّ إرادة المتيقّن من اليقين على وجه يكون الإسناد اللفظيّ إلى نفس المتيقّن ؛ لأنّه إنّما يصحّ ذلك إذا كان على نحو المجاز في الكلمة ، أو على نحو حذف المضاف ، وكلا الوجهين بعيد كلّ البعد ؛ إذ لا علاقة بين اليقين والمتيقّن ، حتى يصحّ استعمال أحدهما مكان الآخر على نحو المجاز في الكلمة ، بل ينبغي أن يعدّ ذلك من الأغلاط. (٣) وأمّا : تقدير المضاف ـ بأنّ نقدّر متعلّق اليقين أو نحو ذلك ـ فإنّ تقدير المحذوف يحتاج إلى قرينة لفظيّة ، [وهي] مفقودة.

ومن أجل هذا استظهر المحقّق الآخوند قدس‌سره (٤) عموم الأخبار لموردي الشكّ في المقتضي والرافع ؛ لأنّ النقض إذا كان مسندا إلى نفس اليقين ، فلا يحتاج في صحّة إسناد النقض إليه إلى فرض أن يكون المتيقّن ممّا له استعداد للبقاء.

__________________

(١) كما قال المحقّق الأصفهانيّ : «ولعلّ المراد به الاتّصال المقابل للانحلال مسامحة». نهاية الدراية ٣ : ٥٣.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٧٥.

(٣) كذا قال المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٤ : ٣٧٤.

(٤) كفاية الأصول : ٤٣٩.

۶۸۸۱