الحكم على اليقين من جهة ما هو يقين ـ كما سبق بيان ذلك في الصحيحة الأولى (١) ـ ، فيكون شمولها للشبهة الحكميّة حينئذ من باب التمسّك بالعلّة المنصوصة ؛ على أنّ رواية محمّد بن مسلم المتقدّمة عامّة لم ترد في خصوص الشبهة الموضوعيّة. فالحقّ شمول الأخبار للشبهتين.
وأمّا : أدلّة الاحتياط فقد تقدّمت المناقشة في دلالتها (٢) ، فلا تصلح لمعارضة أدلّة الاستصحاب.
٢. التفصيل بين الشكّ في المقتضي ، و [الشكّ في] الرافع
هذا هو القول التاسع المتقدّم ، والأصل فيه المحقّق الحلّي (٣) ، ثمّ المحقّق الخوانساريّ (٤) ، وأيّده كلّ التأييد الشيخ الأعظم قدسسره (٥) ، وقد دعمه (٦) جملة من تأخّر عنه. (٧)
وخالفهم في ذلك الشيخ الآخوند قدسسره ، فذهب إلى اعتبار الاستصحاب مطلقا ، (٨) وهو الحقّ ، ولكن بطريقة أخرى غير التي سلكها الشيخ الآخوند قدسسره.
ومن أجل هذا أصبح هذا التفصيل من أهمّ الأقوال التي عليها مدار المناقشات العلميّة في عصرنا. ويلزمنا النظر فيه من جهتين : من جهة المقصود من المقتضي والمانع ، ومن جهة مدى دلالة الأخبار عليه.
__________________
(١) راجع الصفحتين : ٦٢٣ ـ ٦٢٥.
(٢) تقدّمت في الصفحة : ٦١٩.
(٣) معارج الأصول : ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٤) مشارق الشموس : ٧٥.
ولا يخفى أنّه ذهب إلى التفصيل المذكور فيما إذا كان المستصحب مغيّا بغاية شكّ في تحقّقها من جهة الشبهة المصداقيّة.
وقال المحقّق العراقيّ : «أبدعه ـ أي التفصيل ـ المحقّق الخوانساريّ». نهاية الأفكار ٤ «القسم الأوّل» : ٧٥.
(٥) فرائد الأصول ٢ : ٥٦٢ ـ ٥٧٥.
(٦) أي : قوّاه.
(٧) انظر حاشية المحقّق الهمدانيّ على الرسائل : ٨١ ، وبحر الفوائد ٣ : ٤٣.
(٨) كفاية الأصول : ٤٣٩. واختاره المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٤ «القسم الأوّل» : ٨٧.