ناهضة على مطلوبهما.
وعليه ، فتكون الرواية مجملة من هذه الناحية ، إلاّ إذا جوّزنا الجمع في التعبير بين القاعدتين (١) ، وحينئذ تدلّ عليهما معا ، يعني أنّها تدلّ على أنّ اليقين بما هو يقين لا يجوز نقضه بالشك ، سواء كان ذلك اليقين هو المجامع للشكّ ، أو غير المجامع له. وقيل : «إنّه لا يجوز الجمع في التعبير بين القاعدتين ؛ لأنّه يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، وهو مستحيل» (٢). وسيأتي إن شاء الله (تعالى) ما ينفع في المقام.
نعم ، يمكن دعوى ظهورها في الاستصحاب بالخصوص ، بأن يقال ـ كما قرّبه بعض أساتذتنا (٣) : إنّ الظاهر في كلّ كلام هو اتّحاد زمان النسبة مع زمان الجري ، فقوله عليهالسلام : «فليمض على يقينه» يكون ظاهرا في أنّ زمان نسبة وجوب المضيّ على اليقين نفس زمان حصول اليقين. ولا ينطبق ذلك إلاّ على الاستصحاب ، لبقاء اليقين في مورده محفوظا إلى زمان العمل به. وأمّا : قاعدة اليقين فإنّ موردها الشكّ الساري ، فيكون اليقين في ظرف وجوب العمل به معدوما. ولعلّه من أجل هذا الظهور استظهر من استظهر دلالة الرواية على الاستصحاب. (٤)
٥ ـ مكاتبة علي بن محمّد القاساني :
قال : كتبت إليه ـ وأنا بالمدينة ـ أسأله عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان ، هل يصام أم لا؟
فكتب عليهالسلام : «اليقين لا يدخله الشكّ ، صم للرؤية ، وأفطر للرؤية (٥)».
قال الشيخ الأنصاريّ قدسسره : «والإنصاف أنّ هذه الرواية أظهرها في هذا الباب ، إلاّ أنّ سندها
__________________
(١) كما اختاره صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٣٧٣.
(٢) لم أعثر على من صرّح بهذا المطلب. نعم ، هو الظاهر من كلمات العلاّمة الآشتياني في بحر الفوائد ٣ : ٣٦.
(٣) كالمحقّقين النائينيّ والعراقي. فوائد الأصول ٤ : ٣٦٥ ؛ نهاية الأفكار ٤ «القسم الأوّل» : ٦٤.
(٤) كالشيخ الأنصاريّ والمحقّق الخراساني كما مرّ.
(٥) تهذيب الأحكام ٤ : ٢١٤ ، ح ٢٨ ؛ وسائل الشيعة ٧ : ١٨٤ ، الباب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ١٣.