الباب الثامن
القياس
تمهيد
إنّ القياس ـ على ما سيأتي تحديده ، وبيان موضع البحث عنه ـ من الأمارات التي وقعت معركة الآراء بين الفقهاء.
وعلماء الإماميّة ـ تبعا لآل البيت عليهمالسلام ـ أبطلوا العمل به (١). ومن الفرق الأخرى أهل الظاهر ـ المعروفين بـ «الظاهريّة» أصحاب داود بن علي بن خلف ، إمام أهل الظاهر ـ وكذلك الحنابلة لم يكونوا يقيمون له وزنا. (٢)
وأوّل من توسّع فيه في القرن الثاني أبو حنيفة (رأس القياسيّين) ، وقد نشط في عصره ، وأخذ به الشافعيّة ، والمالكيّة. ولقد بالغ به جماعة ، فقدّموه على الإجماع ، بل غلا آخرون ، فردّوا الأحاديث بالقياس ، وربما صار بعضهم يؤوّل الآيات بالقياس.
ومن المعلوم عند آل البيت عليهمالسلام أنّهم لا يجوّزون العمل به ، وقد شاع عنهم «إنّ دين الله لا يصاب بالعقول» (٣) و «إنّ السنّة إذا قيست محق الدين». (٤) ، بل شنّوا حربا
__________________
(١) راجع : التذكرة بأصول الفقه (للشيخ المفيد) : ٣٨ ؛ العدّة ٢ : ٦٥٢ ؛ الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٧٥ ؛ معارج الأصول : ١٨٧ ؛ مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ٢١٤.
(٢) نسب إليهم في إرشاد الفحول : ٢٠٠ ، وروضة الناظر : ١٤٧ ، والمستصفى ٢ : ٢٣٤ ، ونهاية السئول ٤ : ٩ ، واللمع : ٩٧. وفي هامش كتاب «إبطال القياس» لابن الحزم ، نسب القول بعدم اعتبار القياس إلى البخاريّ نقلا عن كتاب «الأدب المفرد» للبخاري : ٨. فراجع ملخّص إبطال القياس : ٥.
(٣) بحار الأنوار ٢ : ٣٠٣.
(٤) بحار الأنوار ١٠٤ : ٤٠٥.