الأمر الخامس: [ الموافقة الالتزاميّة ]
هل تنجُّزُ التكليف بالقطع - كما يقتضي موافقته عملاً -، يقتضي موافقته التزاماً، والتسليمَ له اعتقاداً وانقياداً، كما هو اللازم في الأُصول الدينيّة والامور الاعتقاديّة، بحيث كان له امتثالان وطاعتان: إحداهما بحسب القلب والجنان، والاخرى بحسب العمل بالأركان، فيستحقّ العقوبة على عدم الموافقة التزاماً، ولو مع الموافقة عملاً، أو لا يقتضي (١)، فلا يستحقّ العقوبة عليه، بل إنّما يستحقّها على المخالفة العمليّة ؟
ألحقّ: عدم وجوب الموافقة الالتزاميّة
ألحقّ: هو الثاني ؛ لشهادة (٢) الوجدان - الحاكم في باب الإطاعة والعصيان - بذلك، واستقلالِ العقل بعدم استحقاق العبد الممتثل لأمر سيّده، إلّا المثوبة دون العقوبة، ولو لم يكن مسلّماً (٣) وملتزماً به ومعتقداً ومنقاداً له، وإن كان ذلك يوجب (٤) تنقيصه وانحطاطَ درجته لدى سيّده ؛ لعدم اتّصافه بما يليق أن يتّصف العبد به من الاعتقاد بأحكام مولاه والانقياد لها، وهذا غير استحقاق العقوبة على مخالفته لأمره أو نهيه التزاماً مع موافقته عملاً، كما لا يخفى.
عدم الملازمة بين وجوب الموافقة الالتزاميّة ووجوب الموافقة العمليّة
ثمّ لا يذهب عليك: أنّه على تقدير لزوم الموافقة الالتزاميّة، وكان المكلّف متمكّناً منها (٥) يجب (٦)، ولو في ما لا يجب عليه الموافقة القطعيّة عملاً،
__________________
(١) الأولى: « أو لا يقتضيها ». ( منتهى الدراية ٤: ١٣١ ). (٢) في « ر »: بشهادة.
(٢)
(٣) أدرجنا ما في « ق »، « ش »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي غيرها: متسلّماً.
(٤) في « ش »: لوجب. راجع للتوضيح منتهى الدراية ٤: ١٣٢.
(٥) أثبتنا العبارة كما وردت في الأصل، « ر » وحقائق الأُصول. وفي غيرها: لو كان المكلّف متمكّناً منها لوجب....
(٦) الظاهر: زيادة هذه الجملة ؛ لأنّه مع عدم اعتبار العلم التفصيلي بالحكم الملتزم به في وجوب الموافقة الإلتزامية، وكفاية العلم الإجمالي به، خصوصاً مع ملاحظة قوله في ما بعد: « وإن أبيت »... لا يتصوّر عدم التمكّن من الموافقة الإلتزامية. ( منتهى الدراية ٤: ١٣٤ ).