عدم ابتناء التداخل على كون الأسباب الشرعيّة معرّفات
وقد انقدح ممّا ذكرناه: أنّ الُمجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه الّتي ذكرناها، لا مجرّد كون الأسباب الشرعيّة معرِّفات لا مؤثّرات.
فلا وجه لما عن الفخر (١) وغيره (٢) من ابتناء المسألة على أنّها معرّفات أو مؤثّرات. مع أنّ الأسباب الشرعيّة حالها حال غيرها، في كونها معرّفات تارةً، ومؤثّرات أُخرى ؛ ضرورة أنّ الشرط للحكم الشرعيّ في الجمل الشرطيّة ربما يكون ممّا له دخل في ترتّب الحكم، بحيث لولاه لما وجدت له علّة، كما أنّه في الحكم غير الشرعيّ قد يكون أمارة على حدوثه بسببه، وإن كان ظاهر التعليق أنّ له الدخل فيهما، كما لا يخفى.
نعم، لو كان المراد بالمعرِّفيّة في الأسباب الشرعيّة: أنّها ليست بدواعي الأحكام الّتي هي في الحقيقة عللٌ لها، وإن كان لها دخْلٌ في تحقّق موضوعاتها، بخلاف الأسباب غيرِ الشرعيّة، فهو وإن كان له وجه، إلّا أنّه ممّا لا يكاد يتوهّم أنّه يُجدي في ما همّ وأراد.
التفصيل بين اختلاف الشروط بحسب الجنس وعدمه والجواب عنه
ثمّ إنّه لا وجه للتفصيل بين اختلاف الشروط بحسب الأجناس وعدمِه، واختيار عدم التداخل في الأوّل، والتداخِل في الثاني (٣)، إلّا توهُّم عدم صحّة التعلّق (٤) بعموم اللفظ في الثاني ؛ لأنّه من أسماء الأجناس، فمع تعدّد أفراد شرط واحد لم يوجد إلّا السبب الواحد، بخلاف الأوّل ؛ لكون كلّ منها سبباً، فلا وجه لتداخلها.
__________________
(١) راجع إيضاح الفوائد ١: ١٤٥.
(٢) كالمحقّق النراقيّ في عوائد الأيّام: ٢٩٤.
(٣) ذهب إليه ابن إدريس الحلّي في السرائر ١: ١٤٤ - ١٤٥ و٢٥٨.
(٤) في « ر »: التعليق.