بما حاصله: أنّ التفصّي لا يبتني على كلّيّة الوجوب ؛ لما أفاده. وكونُ الموضوع له في الإنشاء عامّاً لم يقم عليه دليل، لو لم نقل بقيام الدليل على خلافه ؛ حيث إنّ الخصوصيّات بأنفسها مستفادة من الألفاظ.
وذلك لما عرفت من أنّ الخصوصيّات في الإنشاءات والإخبارات، إنّما تكون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوتٍ أصلاً بينهما.
ولعمري لا يكاد ينقضي تعجّبي، كيف تُجعل خصوصيّات الإنشاء من خصوصيّات المستعمل فيه ؟ مع أنّها - كخصوصيّات الإخبار - تكون ناشئة من الاستعمال، ولا يكاد يمكن أن يدخل في المستعمل فيه ما ينشأ من قِبَل الاستعمال، كما هو واضح لمن تأمّل.
٢ - إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء فلابدّ من التصرّف في ظهور الجملة
الأمر الثاني: انّه إذا تعدّد الشرط مثل: « إذا خفي الأذانُ فقصِّر » و « إذا خفي الجدران فقصِّر »، فبناءً على ظهور الجملة الشرطيّة في المفهوم، لابدّ من التصرّف ورفع اليد عن الظهور:
وجوه التصرّف في الظهور
- إمّا بتخصيص مفهوم كلّ منهما بمنطوق الاخرى، فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين.
- وإمّا برفع اليد عن المفهوم فيهما، فلا دلالة لهما على عدم مدخليّة شيءٍ آخر في الجزاء، بخلاف الوجه الأوّل، فإنّ فيهما الدلالة على ذلك.
- وإمّا بتقييد إطلاق الشرط في كلّ منهما بالآخر، فيكون الشرط هو خفاء الأذان والجدران معاً، فإذا خفيا وجب القصر، ولا يجب عند انتفاء خفائهما، ولو خفي أحدهما.
- وإمّا بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما، بأن يكون تعدّد الشرط قرينة على أنّ الشرط في كلٍّ منهما ليس بعنوانه الخاصّ، بل بما هو مصداق لما يعمّهما من العنوان.