تقتضي الإثنينيّة بحسب الوجود، ولا تعدُّدَ كما هو واضح - أنّه إنّما يُجدي لو لم يكن المجمع واحداً ماهيّةً، وقد عرفت - بما لا مزيد عليه - أنّه بحسبها أيضاً واحد.
أدلّة القول بجواز الاجتماع:
ثمّ إنّه قد استدلّ على الجواز (١) بأُمور:
الدليل الأول: الوقوع
منها: أنّه لو لم يجز اجتماع الأمر والنهي لما وقع نظيرُه، وقد وقع، كما في العبادات المكروهة، كالصلاة في مواضع التُّهمة وفي الحمّام، والصيام في السفر وفي بعض الأيّام.
بيان الملازمة: أنّه لو لم يكن تعدّد الجهة مجدياً في إمكان اجتماعهما، لما جاز اجتماع حكمين آخرين في موردٍ مع تعدّدها ؛ لعدم اختصاصهما من بين الأحكام بما يوجب الامتناع من التضادّ ؛ بداهةَ تضادّها بأسرها، والتالي باطلٌ ؛ لوقوع اجتماع الكراهة والإيجاب أو الاستحباب في مثل الصلاة في الحمّام، والصيام في السفر وفي عاشوراء - ولو في الحضر -، واجتماعِ الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب في مثل الصلاة في المسجد أو الدار (٢).
والجواب عنه:
الجواب عنه إجمالاً
أمّا إجمالاً: فبأنّه لابدّ من التصرّف والتأويل في ما وقع في الشريعة ممّا ظاهره الاجتماع، بعدَ قيام الدليل على الامتناع ؛ ضرورةَ أنّ الظهور
__________________
(١) حقّ العبارة أن تكون هكذا: ثمّ إنه قد استدلّ على الجواز - مضافاً إلى الوجهين المزبورين - بأُمور أُخر.. ( منتهى الدراية ٣: ١٠٢ ).
(٢) الدليل وتقريبه مذكوران في القوانين ١: ١٤٢ - ١٤٣.