الهيئآت أُخرى - من القيام صدوراً، أو حلولاً، أو وقوعاً عليه أو فيه، أو انتزاعه عنه مفهوماً، مع اتّحاده معه خارجاً، كما في صفاته تعالى - على ما أشرنا إليه آنفاً (١) -، أو مع عدم تحقُّقٍ إلّا للمنتزع عنه، كما في الإضافات والاعتبارات الّتي لا تحقُّقَ لها، ولا يكون بحذائها في الخارج شيءٌ، وتكون من الخارج المحمول (٢) لا المحمول بالضميمة.
الكلام في الصفات الجارية عليه تعالى
ففي صفاته الجارية عليه - تعالى - يكون المبدأ مغايراً له - تعالى - مفهوماً، وقائماً به عيناً، لكنّه بنحوٍ من القيام، لا بأن يكون هناك اثنينيّة، وكان ما بحذائه غير الذات، بل بنحو الاتّحاد والعينيّة، وكان ما بحذائه عين الذات.
وعدم اطّلاع العرف على مثل هذا التلبّس من الامور الخفيّة، لا يضرُّ بصدقها عليه - تعالى - على نحو الحقيقة، إذا كان لها مفهومٌ صادقٌ عليه - تعالى - حقيقةً، ولو بتأمّل وتعمّل من العقل. والعرف إنّما يكون مرجعاً في تعيين المفاهيم، لا في تطبيقها على مصاديقها.
وبالجملة: يكون مثل العالم والعادل وغيرِهما من الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره، جاريةً عليهما بمفهوم واحد ومعنى فارد، وإن اختلفا في ما
__________________
(١) في الأمر السابق، حيث قال: فإنّ المبدأ فيها وإن كان عين ذاته - تعالى - خارجاً، إلّا أنّه غير ذاته - تعالى - مفهوماً.
(٢) مراده منه: العارض الاعتباري، ومن المحمول بالضميمة: العارض المتأصّل، سمّي الأوّل به لكونه خارجاً عن الشيء محمولاً عليه، والثاني لكونه منضماً إلى ما حمل عليه، هكذا قال في الدرس إلّا أنّه.. خلاف الاصطلاح ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٢٩٦ ) ؛ فإنّ المعروف بين أهل المعقول: أنّ المحمول بالضميمة هو العرضي الذي يكون محتاجاً في حمله على الشيء إلى الضميمة، والخارج المحمول هو العرضي الذي لا يحتاج حمله إلى الضميمة. انظر نهاية الحكمة: ٩٨.