تعارض الأحوال
وأمّا إذا دار الأمرُ بينها، فالاصوليّون وإن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوهاً (١)، إلّا أنّها استحسانيّة، لا اعتبار بها إلّا إذا كانت موجبةً لظهور اللفظ في المعنى ؛ لعدم مساعدة دليل على اعتبارها بدون ذلك، كما لا يخفى.
التاسع
[ الحقيقة الشرعيّة ]
أنّه اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعيّة وعدمه على أقوال.
أقسام الوضع التعييني
وقبل الخوض في تحقيق الحال لا بأس بتمهيد مقالٍ، وهو: أنّ الوضع التعيينيّ كما يحصل بالتصريح بإنشائه، كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له كما إذا وضع له، بأن يقصد الحكاية عنه والدلالة عليه بنفسه لا بالقرينة، وإن كان لابدّ حينئذٍ من نصب قرينةٍ، إلّا أنّه للدلالة على ذلك، لا على إرادة المعنى كما في المجاز، فافهم.
وكون استعمال اللفظ فيه كذلك في غير ما وضع له - بلا مراعاة ما اعتبر في المجاز فلا يكون بحقيقة ولا مجاز - غيرُ ضائرٍ، بعدَ ما كان ممّا يقبله الطبع ولا يستنكره. وقد عرفت سابقاً (٢) أنّه في الاستعمالات الشائعة في المحاورات ما ليس بحقيقة ولا مجاز.
ثبوت الحقيقة الشرعيّة
إذا عرفت هذا، فدعوى الوضع التعيينيّ في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا قريبةٌ جدّاً، ومدّعي القطع به غير مجازف قطعاً.
__________________
(١) راجع الفصول: ٤٠، وهداية المسترشدين ١: ٢٨٩ - ٣١٩، وقوانين الأُصول ١: ٣٢.
(٢) في الأمر الرابع ؛ حيث ذكر أنّ صحة إطلاق اللفظ وإرادة النوع أو الصنف إنّما هي بالطبع لا بالوضع. لاحظ الصفحة: ٣٠.