ويدّل عليه تبادر المعاني الشرعيّة منها في محاوراته.
ويؤيّد ذلك: أنّه ربما لا تكون علاقة معتبرة بين المعاني الشرعيّة واللغويّة، فأيّ علاقة بين الصّلاة شرعاً والصّلاة بمعنى الدعاء (١) ؟ ومجرّد اشتمال الصّلاة على الدعاء لا يوجب ثبوت ما يعتبر من علاقة الجزء والكلّ بينهما، كما لا يخفى.
هذا كلّه بناءً على كون معانيها مستحدثة في شرعنا.
وأمّا بناءً على كونها ثابتة في الشرائع السابقة - كما هو قضيّة غير واحدٍ من الآيات، مثل قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامَ كَما كُتِبَ عَلَى الّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ (٢)، وقوله تعالى: ﴿وأذِّن في النّاسِ بِالحجّ﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿وأوْصاني بالصَّلاةِ والزَّكاةِ مادُمْتُ حَيّاً﴾ (٤)... إلى غير ذلك - فألفاظها حقائق لغويّة لا شرعيّة.
واختلاف الشرائع فيها جزءاً وشرطاً لا يوجب اختلافها في الحقيقة والماهيّة ؛ إذ لعلّه كان من قبيل الاختلاف في المصاديق والمحقّقات، كاختلافها بحسب الحالات في شَرْعِنا، كما لا يخفى.
ثمّ لا يذهب عليك أنّه مع هذا الاحتمال لا مجال لدعوى الوثوق - فضلاً عن القطع - بكونها حقائق شرعيّة، ولا لتوهُّم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها، لو سلِّم دلالتها على الثبوت لولاه.
ومنه قد انقدح حال دعوى الوضع التعيّنيّ معه.
__________________
(١) في نهاية الدراية ١: ٨٨: فأيّ علاقة بين الصلاة والدعاء ؟
(٢) البقرة: ١٨٣.
(٣) الحجّ: ٢٧.
(٤) مريم: ٣١.