تركّبها من جزأين ؛ لأنّ القضيّة اللفظيّة على هذا إنّما تكون حاكية عن المحمول والنسبة، لا الموضوع، فتكون القضيّة المحكيّة بها مركّبةٌ من جزأين، مع امتناع التركّب (١) إلّا من الثلاثة ؛ ضرورة استحالة ثبوت النسبة بدون المنتسبَيْن.
الجواب عن الإشكال
قلت: يمكنُ أن يقال: إنّه يكفي تعدّد الدال والمدلول اعتباراً، وإن اتّحدا ذاتاً ؛ فمن حيث إنّه لفظٌ صادرٌ عن لافظه كان دالّاً، ومن حيث إنّ نفسه وشخصه مرادُه كان مدلولاً.
مع أنّ حديث تركّب القضيّة من جزأين - لولا اعتبار الدلالة في البين - إنّما يلزمُ إذا لم يكن الموضوع نفس شخصه، وإلّا كان أجزاؤها الثلاثة تامّةً، وكان المحمول فيها منتسباً إلى شخص اللفظ ونفسه، غاية الأمر أنّه نفس الموضوع لا الحاكي عنه، فافهم، فإنّه لا يخلو عن دقّة.
وعلى هذا ليس من باب استعمال اللفظ بشيء.
التحقيق في إرادة النوع أوالصنف من اللفظ
بل يمكن أن يقال: إنّه ليس أيضاً من هذا الباب ما إذا اطلق اللفظ وأُريد به نوعه أو صنفه ؛ فإنّه فرده ومصداقه حقيقةً، لا لفظُه وذاك معناه، كي يكون مستعملاً فيه استعمالَ اللفظ في المعنى، فيكون اللفظ نفسَ الموضوع الملقى إلى المخاطب خارجاً، قد احضر في ذهنه بلا وساطة حاكٍ، وقد حكم عليه ابتداءً بدون واسطة أصلاً، لا لفظَه، كما لا يخفى ؛ فلا يكون في البين لفظٌ قد استعمل في معنىً، بل فرْدٌ قد حكم في القضيّة عليه بما هو مصداقٌ لكلّيّ اللفظ، لا بما هو خصوص جزئيّه.
نعم، في ما إذا أُريد به فرْدٌ آخر مثلُه، كان من قبيل استعمال اللفظ في المعنى.
__________________
(١) في « ر »: التركيب.