لها ، وإلّا كانت أدلّتها (١) أيضا دالّة ـ ولو بالالتزام (٢) ـ على أنّ حكم مورد الاجتماع فعلا هو مقتضى الأصل لا الأمارة ، وهو (٣) مستلزم عقلا نفي ما هو قضيّة الأمارة ، بل ليس مقتضى حجّيّتها (٤) إلّا نفي ما قضيّته عقلا من دون دلالة عليه لفظا ، ضرورة أنّ نفس الأمارة لا دلالة لها إلّا على الحكم الواقعيّ ، وقضيّة حجّيّتها ليست إلّا لزوم العمل على وفقها شرعا المنافي عقلا للزوم العمل على خلافه (٥) وهو قضيّة الأصل ، هذا ؛ مع احتمال أن يقال : إنّه ليس قضيّة الحجّيّة شرعا إلّا لزوم العمل على وفق الحجّة عقلا وتنجّز الواقع مع المصادفة وعدم تنجّزه في صورة المخالفة.
وكيف كان ليس مفاد دليل الاعتبار هو وجوب إلغاء احتمال الخلاف تعبّدا كي يختلف الحال ويكون مفاده في الأمارة نفي حكم الأصل حيث إنّه حكم الاحتمال ؛ بخلاف مفاده فيه (٦) ، لأجل أنّ الحكم الواقعيّ ليس حكم احتمال خلافه ، كيف! وهو حكم الشكّ فيه واحتماله. فافهم وتأمّل جيّدا.
فانقدح بذلك أنّه لا يكاد ترتفع غائلة المطاردة والمعارضة بين الأصل
__________________
ـ فكلّ أمارة بمدلولها الالتزاميّ يدلّ على مورد الأصل.
وأجاب عنه المصنّف رحمهالله بأنّ المراد من كون الأمارات ناظرة إلى أدلّة الاصول هو خصوص نظرها إليها بالشرح والتفسير بألفاظها ، وهو مفقود في المقام ، لا مطلق النظر والقرينيّة ، وإلّا لزم أن يكون دليل الأصل أيضا حاكما على الأمارة ، بداهة أنّه إذا كان مقتضى الأصل هو الحلّيّة فبما أنّها تنافي الحرمة تدلّ بالالتزام العقليّ على نفيها ، كما أنّ الأمارة تدلّ بالالتزام العقليّ على نفي الحلّيّة.
(١) أي : أدلّة الاصول.
(٢) هكذا في النسخ. ولكن الصواب أن يحذف كلمة : «ولو» ، لأنّ المفروض انحصار الدلالة في الالتزاميّة ، فإنّ قوله : «كلّ شيء حلال ...» إنّما يدلّ بالمطابقة على حلّيّة المشكوك فيه ؛ وأمّا دلالته على نفي حرمته ليست إلّا بالدلالة الالتزاميّة الناشئة من تنافي الحلّ والحرمة.
(٣) أي : وكون حكم مورد الاجتماع فعلا مقتضى الأصل يستلزم عقلا نفي مقتضى الأمارة وهو الحرمة في المثال.
(٤) أي : حجّيّة الأمارة.
(٥) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «على خلافها» ، فإنّ الضمير يرجع إلى الأمارة.
(٦) أي : بخلاف مفاد دليل الاعتبار في الأصل.