والضرر (١) والإكراه والاضطرار (٢) ممّا يتكفّل لأحكامها بعناوينها الثانويّة ، حيث يقدّم في مثلهما الأدلّة النافية ، ولا تلاحظ النسبة بينهما أصلا (٣) ، ويتّفق في غيرهما (٤) كما لا يخفى.
أو بالتصرّف فيهما (٥) ، فيكون مجموعهما قرينة على التصرّف فيهما (٦) ، أو في أحدهما المعيّن ولو كان من الآخر أظهر (٧).
__________________
(١) كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار ...» ، الكافي ٥ : ٢٨٠ و ٢٩٤ ، معاني الأخبار : ٢٨١.
(٢) كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن امّتي تسعة : ... وما أكرهوا عليه ... وما اضطرّوا إليه» الخصال : ٤١٧ ، التوحيد : ٣٥٣.
(٣) أي : يقدّم دليل حكم العنوان الثانويّ على دليل حكم العنوان الأوّليّ ، وإن كانت النسبة بينهما عموما من وجه.
(٤) أي : غير أدلّة أحكام العناوين الأوّلية وأدلّة أحكام العناوين الثانويّة.
(٥) معطوف على قوله : «بالتصرّف في خصوص أحدهما».
(٦) مثاله : ما إذا ورد : «ثمن العذرة سحت» [وسائل الشيعة ١٢ : ١٢٦ ، الباب ٤٠ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١] ، وورد أيضا : «لا بأس ببيع العذرة» [نفس المصدر ، الحديث ٢ و ٣] ، فإنّ العرف يوفّق بينهما بحمل العذرة في الأوّل على عذرة الإنسان بمناسبة الحكم والموضوع ، وفي الثاني على عذرة مأكول اللحم عن البهائم ، فيكون مجموعهما قرينة على التصرّف فيهما.
(٧) هكذا في النسخة المذيّلة بحواشي العلّامة الرشتيّ. ولكن في أكثر النسخ هكذا : «ولو كان الآخر أظهر». والصواب ما أثبتناه. والأولى أن يقول : «ولو كان أظهر».
والحاصل : أنّ العرف قد يوفّق بين الدليلين بالتصرّف في أحدهما ، ولو كان أظهر من الآخر ، كما إذا ورد عامّان ، وكان التصرّف في أحدهما ـ الّذي كان أظهر من الآخر ـ بتخصيصه بالآخر مستلزما للتخصيص المستهجن ، إذ لا يبقى لهذا العامّ بعد التصرّف إلّا موارد قليلة لا يحسن أن يراد بالعموم ، مثلا : إذا قال المولى : «أكرم الأمير» ، وقال : «لا تكرم الفسّاق» فيكون الثاني أظهر دلالة من الأوّل ، لأنّه يدلّ على إكرام كلّ فاسق بالوضع ، والأوّل يدلّ على إكرام كلّ أمير بالإطلاق ، لكن الدليل الأوّل يقدّم على الثاني في مورد الاجتماع ـ أي الأمير الفاسق ـ ويحكم بوجوب إكرامه ، إذ التصرّف في غير الأظهر ـ وهو قوله : «أكرم الأمير» ـ بالحكم بعدم وجوب إكرام الأمير يوجب قلّة أفراده واختصاص وجوب الإكرام بالأمير العادل ، وهو قليل المورد ، فلا محيص من التصرّف في الأظهر ـ أي قوله : «لا تكرم الفسّاق» ـ بإخراج الأمير الفاسق عن دائرته.