وإن كان مفادهما على النحو الثاني (١) فلا بدّ من التمسّك بالعامّ بلا كلام ، لكون موضوع الحكم بلحاظ هذا الزمان (٢) من أفراده ، فله الدلالة على حكمه ، والمفروض عدم دلالة الخاصّ على خلافه.
وإن كان مفاد العامّ على النحو الأوّل والخاصّ على النحو الثاني (٣) فلا مورد للاستصحاب ، فإنّه وإن لم يكن هناك دلالة أصلا (٤) إلّا أنّ انسحاب حكم الخاصّ إلى غير مورد دلالته من إسراء حكم موضوع إلى آخر (٥) ، لا استصحاب حكم الموضوع. ولا مجال أيضا للتمسّك بالعامّ ، لما مرّ آنفا (٦) ، فلا بدّ من الرجوع إلى سائر الاصول (٧).
وإن كان مفادهما على العكس (٨) كان المرجع هو العامّ ، للاقتصار في تخصيصه بمقدار دلالة الخاصّ. ولكنّه لو لا دلالته (٩) لكان الاستصحاب مرجعا ، لما عرفت من أنّ الحكم في طرف الخاصّ قد اخذ على نحو صحّ استصحابه (١٠).
__________________
(١) وهو أن يكون الزمان في العامّ والخاصّ مأخوذا على نحو القيديّة والمفرّديّة.
(٢) أي : ما بعد زمان التخصيص ، وهو يوم الجمعة في المثال السابق.
(٣) فيكون الزمان في العامّ مأخوذا على نحو الظرفيّة ، وفي الخاصّ على نحو القيديّة.
(٤) أي : لا للعامّ ولا للخاصّ ، ضرورة أنّه لا دلالة لهما على حكم ما بعد زمان الخاصّ.
(٥) أي : إلى موضوع آخر. وذلك لأنّ مقتضى مفرّديّة الزمان للخاصّ هو مغايرة الموضوع في غير زمان الخاصّ لما هو الموضوع في زمانه.
(٦) حيث قال : «لعدم دلالة للعامّ على حكمه ، لعدم دخوله على حدة في موضوعه وانقطاع الاستمرار بالخاصّ ...».
(٧) وهو في المقام أصالة البراءة ، حيث يشكّ بعد زمان الخاصّ في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الأفراد ، فيرجع الشكّ إلى الشكّ في التكليف ، وتجري أصالة البراءة.
(٨) وهو أن يكون الزمان في العامّ مأخوذا على نحو القيديّة ، وفي الخاصّ على نحو الظرفيّة.
(٩) أي : لو لا دلالة العامّ على حكم ما بعد زمان الخاصّ.
(١٠) توضيحه : أنّه إذا كان الزمان فى العامّ مأخوذا على نحو القيديّة والمفرّديّة ، وفي الخاصّ على نحو الظرفيّة والاستمرار ، يكون المرجع حينئذ في غير مورد دلالة الخاصّ هو العامّ. ـ