حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم ، حيث دلّ بإطلاقه ـ مع ترك الاستفصال بين ما إذا أفادت هذه الأمارة الظنّ وما إذا لم تفد ، بداهة أنّها لو لم تكن مفيدة له دائما لكانت مفيدة له أحيانا ـ على عموم النفي لصورة الإفادة.
وقوله عليهالسلام بعده (١) : «ولا تنقض اليقين بالشكّ» ، أنّ الحكم (٢) في المغيّى مطلقا (٣) هو عدم نقض اليقين بالشكّ ، كما لا يخفى.
وقد استدلّ عليه أيضا بوجهين آخرين (٤) :
الأوّل : الإجماع القطعيّ على اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف على تقدير اعتباره من باب الأخبار.
وفيه : أنّه لا وجه لدعواه ولو سلّم اتّفاق الأصحاب على الاعتبار (٥) ، لاحتمال أن يكون ذلك من جهة ظهور دلالة الأخبار عليه (٦).
الثاني : أنّ الظنّ غير المعتبر إن علم بعدم اعتباره بالدليل فمعناه أنّ وجوده كعدمه عند الشارع ، وأنّ كلّ ما يترتّب شرعا على تقدير عدمه فهو المترتّب على تقدير وجوده ؛ وإن كان ممّا شكّ في اعتباره فمرجع رفع اليد عن اليقين بالحكم الفعليّ السابق بسببه إلى نقض اليقين بالشكّ ، فتأمّل جيّدا.
وفيه : أنّ قضيّة عدم اعتباره ـ لإلغائه أو لعدم الدليل على اعتباره ـ لا يكاد يكون إلّا عدم إثبات مظنونه به (٧) تعبّدا ليترتّب عليه آثاره شرعا ، لا ترتيب آثار الشكّ مع عدمه ، بل لا بدّ حينئذ في تعيين أنّ الوظيفة أيّ أصل من الاصول العمليّة
__________________
(١) أي : بعد قوله عليهالسلام : «لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام».
(٢) هكذا في النسخ. والصواب أن يقول : «على أنّ الحكم» أي : ويدلّ قوله عليهالسلام على أنّ الحكم ...
(٣) أي : ولو كان الظنّ على خلافه.
(٤) استدلّ بهما الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ٣ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.
(٥) أي : على اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف.
(٦) فيصير الإجماع مدركيّا لا يصلح للركون إليه.
(٧) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «المظنون به» أي : المظنون بالظنّ غير المعتبر.