الشيء وحده بلحاظ أثر نفسه لم يترتّب عليه ما كان مترتّبا عليها (١) ، لعدم إحرازها حقيقة ولا تعبّدا ، ولا يكون تنزيله بلحاظه ، بخلاف ما لو كان تنزيله بلوازمه (٢) أو بلحاظ ما يعمّ آثارها ، فإنّه يترتّب باستصحابه ما كان بوساطتها (٣).
والتحقيق : أنّ الأخبار إنّما تدلّ على التعبّد بما كان على يقين منه فشكّ ، بلحاظ (٤) ما لنفسه من آثاره وأحكامه ، ولا دلالة لها بوجه على تنزيله بلوازمه الّتي لا تكون كذلك ـ كما هي محلّ ثمرة الخلاف ـ ، ولا على تنزيله بلحاظ ما له مطلقا ولو بالواسطة ، فإنّ المتيقّن إنّما هو لحاظ آثار نفسه ، وأمّا آثار لوازمه فلا دلالة هناك على لحاظها أصلا ، وما لم يثبت لحاظها بوجه أيضا لما كان وجه لترتيبها عليه باستصحابه ، كما لا يخفى.
[حجّيّة بعض مثبتات الاصول]
نعم ، لا يبعد ترتيب خصوص ما كان منها (٥) محسوبا بنظر العرف من آثار نفسه (٦) ، لخفاء ما بوساطته ، بدعوى أنّ مفاد الأخبار عرفا ما يعمّه أيضا حقيقة ، فافهم (٧).
__________________
(١) أي : على الواسطة.
(٢) أي : تنزيل الشيء مع لوازمه.
(٣) أي : بوساطة الواسطة.
(٤) متعلّق بقوله : «التعبّد».
(٥) أي : من آثار لوازم المستصحب.
(٦) أي : نفس المستصحب.
(٧) هذا هو المورد الأوّل من الموارد المستثناة من عدم حجّيّة الأصل المثبت ، وذكره الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٤٦ ، وهو ما إذا كان الأثر الشرعيّ من الآثار ذي الواسطة الخفيّة بحيث يعدّه العرف أثرا لنفس المستصحب ، ومثاله : استصحاب بقاء رطوبة الثوب الملاقي للأرض المتنجّسة ، فإنّ نجاسة الثوب ليست أثرا بلا واسطة لرطوبة الثوب الملاقي للأرض ، بل هي من آثار سراية النجاسة من المتنجّس إلى ملاقيه بواسطة الرطوبة ، فالسراية واسطة عقليّة بين المستصحب ـ أي الرطوبة ـ وبين النجاسة الّتي هي أثر السراية ، فيترتّب مع ذلك نجاسته باستصحاب بقاء رطوبة الثوب الملاقي للأرض المتنجّسة ، لكون الواسطة من اللوازم الخفيّة ، بحيث يرى العرف نجاسة الثوب من آثار نفس ـ