وفساد (١) توهّم اختلال أركانه فيما كان المتيقّن من أحكام الشريعة السابقة لا محالة. إمّا لعدم اليقين بثبوتها في حقّهم (٢) وإن علم بثبوتها سابقا في حقّ آخرين ، فلا شكّ في بقائها أيضا بل في ثبوت مثلها ، كما لا يخفى. وإمّا لليقين بارتفاعها بنسخ الشريعة السابقة بهذه الشريعة ، فلا شكّ في بقائها حينئذ ولو سلّم اليقين بثبوتها في حقّهم (٣).
وذلك (٤) لأنّ الحكم الثابت في الشريعة السابقة حيث كان ثابتا لأفراد المكلّف ، كانت محقّقة وجودا أو مقدّرة ـ كما هو قضيّة القضايا المتعارفة المتداولة ، وهي قضايا حقيقيّة ـ ، لا خصوص الأفراد الخارجيّة ـ كما هو قضيّة القضايا الخارجيّة ـ ، وإلّا لما صحّ الاستصحاب في الأحكام الثابتة في هذه الشريعة ، ولا النسخ بالنسبة إلى غير الموجود في زمان ثبوتها ، كان (٥) الحكم في الشريعة السابقة ثابتا لعامّة أفراد المكلّف ممّن وجد أو يوجد ، وكان الشكّ فيه كالشكّ في بقاء الحكم الثابت في هذه الشريعة (٦) لغير من وجد في زمان ثبوته.
والشريعة السابقة (٧) وإن كانت منسوخة بهذه الشريعة يقينا ، إلّا أنّه لا يوجب
__________________
(١) معطوف على قوله : «لعموم ...».
(٢) أي : إمّا لعدم اليقين بثبوت أحكام الشريعة السابقة في حقّ الحاضرين.
(٣) انتهى ما توهّمه صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٣١٥.
(٤) أي : فساد التوهّم. ومن هنا إلى قوله : «من وجد في زمان ثبوته» جواب عن الشقّ الأوّل من الإشكال.
(٥) جواب قوله : «حيث كان».
(٦) في كفاية اليقين بثبوته بحيث لو كان باقيا ولم ينسخ لعمّه ، ضرورة صدق أنّه على يقين منه فشكّ فيه بذلك ، ولزوم اليقين بثبوته في حقّه سابقا بلا ملزم.
وبالجملة : قضيّة دليل الاستصحاب جريانه لإثبات حكم السابق للّاحق وإسرائه إليه فيما كان يعمّه ويشمله لو لا طروء حالة معها يحتمل نسخه ورفعه ، وكان دليله قاصرا عن شمولها من دون لزوم كونه ثابتا له قبل طروئها أصلا ، كما لا يخفى. منه [أعلى الله مقامه].
لا يخفى : إنّ هذه التعليقة ليست في بعض النسخ.
(٧) وهذا جواب عن الشقّ الثاني من الإشكال. وهو ما ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري في فرائد ـ