وربما اشكل أيضا (١) بأنّه لو سلّم دلالتها على الاستصحاب كانت من الأخبار الخاصّة الدالّة عليه في خصوص المورد ، لا العامة لغير مورد ، ضرورة ظهور الفقرات في كونها مبنيّة للفاعل ، ومرجع الضمير فيها هو المصلّي الشاكّ.
وإلغاء خصوصيّة المورد ليس بذاك الوضوح ، وإن كان يؤيّده تطبيق قضيّة «لا تنقض اليقين» وما يقاربها على غير مورد ، بل دعوى «أنّ الظاهر من نفس القضيّة هو أنّ مناط حرمة النقض إنّما يكون لأجل ما في اليقين والشكّ ، لا لما في المورد من الخصوصيّة ، وأنّ مثل اليقين لا ينقض بمثل الشكّ» غير بعيدة.
[الخبر الرابع : خبر محمّد بن مسلم]
ومنها : قوله عليهالسلام : «من كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه ، فإنّ
__________________
ـ الدالّ على الحكم الواقعيّ ، وهو في نفسه يقتضي اتّصال أجزاء الصلاة وركعاتها ، فيقتضي كونها موصولة ، إلّا أنّ النصوص الواردة في باب الشكوك تدلّ على لزوم الفصل بالتشهّد والتسليم. ومرجع ذلك في الحقيقة إلى تخصيص دليل الحكم الواقعيّ المجهول ، لا إلى تخصيص الاستصحاب أو تقييد إطلاقه في المورد. وعليه فيطبّق الاستصحاب على المورد بلا محذور.
الثالث : أنّ المتيقّن في المقام ليس عدم الإتيان بالركعة الرابعة ، كي يتأتّى الحديث السابق ، بل المتيقّن هو الاشتغال بالتكليف بالصلاة ، فشكّ في ارتفاعه بإتيان الركعة المردّدة بين كونها الثالثة والرابعة ، فقال عليهالسلام : «قام فأضاف إليها اخرى ، ولا ينقض اليقين بالشكّ». وغرضه عدم نقض اليقين بالاشتغال بالشكّ فيه. وإذا بنى على اشتغال ذمّته بالصلاة يلزم عليه إتيان ركعة اخرى ، غاية الأمر أنّ الصحيحة ساكتة عن كونها متّصلة أو منفصلة ، فيرجع إلى الأدلّة الخاصّة ويستفاد منها لزوم إتيانها منفصلة. راجع نهاية الأفكار ٤ : ٥٩ و ٦٢.
وقد تصدّى بعض آخر من الأعلام أيضا إلى دفع الإيراد بوجوه أخر ، تركناها خوفا من التطويل ، وإن شئت فراجع فرائد الاصول ٣ : ٦٥ ـ ٦٦ ، فوائد الاصول ٤ : ٣٦٢ ـ ٣٦٤ ، مصباح الاصول ٣ : ٦٣ ، الرسائل (للإمام الخمينيّ) ١ : ١٠٤ ـ ١٠٦.
(١) هذا الإشكال من الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٣ : ٦٤ ـ ٦٥.