ولذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا مع تمكّنه من التعلّم فقد قصّر ولو علم بعده وقد وسع الوقت.
فانقدح أنّه لا يتمكّن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام ، ولا من الجهر كذلك (١) بعد فعل صلاة الإخفات وإن كان الوقت باقيا.
إن قلت : على هذا يكون كلّ منهما (٢) في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب فعلا ، وما هو السبب لتفويت الواجب كذلك حرام ، وحرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.
قلت : ليس سببا لذلك ، غايته أنّه يكون مضادّا له ، وقد حقّقنا في محلّه أنّ الضدّ وعدم ضدّه متلازمان ليس بينهما توقّف أصلا (٣).
لا يقال : على هذا فلو صلّى تماما أو صلّى إخفاتا في موضع القصر والجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما لكانت صلاته صحيحة وإن عوقب على مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر.
فإنّه يقال : لا بأس بالقول به لو دلّ دليل على أنّها (٤) تكون مشتملة على المصلحة ولو مع العلم (٥). لاحتمال اختصاص أن يكون كذلك في صورة الجهل ، ولا بعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيء والجهل به ، كما لا يخفى (٦).
__________________
(١) أي : صحيحة.
(٢) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «يكون إتيان كلّ منهما ...».
(٣) راجع الجزء الأوّل : ٢٣٨. ومرّ توضيح التلازم بينهما فيما علّقنا عليه ، فراجع.
(٤) أي : الصلاة غير المأمور بها.
(٥) أي : ولو مع العلم بعدم الأمر بها.
(٦) حاصل ما أفاده في حلّ الإشكال : أنّه يكون المأتي به ـ وهو الصلاة تماما في موضع القصر ـ واجدا لمصلحة وافية بمعظم مصلحة المأمور به ، وهذا المقدار من المصلحة المستوفاة بالمأتي به مضادّة في مقام الاستيفاء مع المصلحة القائمة بالمأمور به التامّ ، فبما أنّ المأتي به الناقص يوجب استيفاء مقدار من المصلحة المضادّة لمصلحة التامّ يسقط أمر التامّ ، فيكون ـ