ولا ينافيه (١) ما يظهر من الأخبار (٢) من كون وجوب التعلّم إنّما هو لغيره لا لنفسه ، حيث إنّ وجوبه لغيره لا يوجب كونه واجبا غيريّا يترشّح وجوبه من وجوب غيره ، فيكون مقدّميّا ، بل للتهيّؤ لإيجابه (٣) ، فافهم.
وأمّا الأحكام : فلا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة ، بل في صورة الموافقة أيضا في العبادة فيما لا يتأتّى منه قصد القربة ، وذلك لعدم الإتيان بالمأمور به ، مع عدم دليل على الصحّة والإجزاء إلّا في الإتمام في موضع القصر أو الإجهار أو الإخفات في موضع الآخر ، فورد في الصحيح (٤) ـ وقد أفتى به (٥) المشهور (٦) ـ صحّة الصلاة وتماميّتها في الموضعين مع الجهل مطلقا ، ولو كان عن تقصير موجب لاستحقاق العقوبة على ترك الصّلاة المأمور بها ، لأنّ ما اتي بها وإن صحّت وتمّت إلّا أنّها ليست بمأمور بها.
__________________
(١) أي : لا ينافي وجوب التعلّم نفسيّا تهيّئيّا ما يظهر من الأخبار.
(٢) كقوله عليهالسلام في خبر مسعدة بن زياد : «أفلا تعلّمت حتّى تعمل؟!». الأمالي (للشيخ الطوسيّ) : ٩ ، الحديث ١٠.
(٣) أي : لإيجاب الغير.
(٤) أمّا الخبر الصحيح الدالّ على صحّة الصلاة تماما في موضع القصر أو قصرا في موضع الإتمام فهو صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم ، قالا : قلنا لأبي جعفر عليهالسلام : رجل صلّى في السفر أربعا ، أيعيد أم لا؟ قال عليهالسلام : «إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرّت له فصلّى أربعا ، أعاد.
وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه». وسائل الشيعة ٥ : ٥٣١ ، الباب ١٧ من أبواب صلاة المسافر ، الحديث ٤.
وأمّا الخبر الصحيح الدالّ على صحّة الصلاة جهرا في موضع الإخفات وبالعكس فهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه ، فقال عليهالسلام : «أيّ ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته». وسائل الشيعة ٤ : ٧٦٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة ، الحديث ١.
(٥) أي بما ورد في الصحيح.
(٦) وغرضه إثبات عدم كون الصحيح من الصحاح المعرض عنها عند المشهور كي يسقط بسبب إعراضهم عن الحجّيّة. فراجع رياض المسائل ١ : ١٦٢ و ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١١٧ و ١٩٣ ، جواهر الكلام ١٤ : ٣٤٣.