الأصحاب (١).
والجواب : أنّ العقل وإن استقلّ بذلك (٢) ، إلّا أنّه إذا لم ينحلّ العلم الإجماليّ إلى علم تفصيليّ وشكّ بدويّ ، وقد انحلّ هاهنا ، فإنّه كما علم بوجود تكاليف إجمالا كذلك علم إجمالا بثبوت طرق واصول معتبرة مثبتة لتكاليف بمقدار تلك التكاليف المعلومة أو أزيد ، وحينئذ لا علم بتكاليف أخر غير التكاليف الفعليّة في موارد المثبتة من الطرق والاصول العمليّة (٣).
__________________
(١) كما هو الظاهر من كلام المحقّق القمّي في قوانين الاصول ٢ : ٢٥ ، وصاحب المدارك في مدارك الأحكام ١ : ١٠٧ ، والمحقّق السبزواريّ في ذخيرة المعاد : ١٣٨.
ولا يخفى : أنّ ما أفاده المصنّف رحمهالله في تقرير هذا الدليل العقليّ يختلف عما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ.
أمّا المصنّف رحمهالله : فجعل متعلّق العلم الإجماليّ في المقام مطلق التكاليف الإلزاميّة في الوقائع المشتبهة ، فأدرج الشبهات الوجوبيّة والتحريميّة في محلّ النزاع.
وأمّا الشيخ الأعظم : فجعل متعلّق العلم الإجماليّ في المقام خصوص التكاليف الإلزاميّة التحريميّة في الشبهات التحريميّة ، فأخرج الشبهات الوجوبيّة عن محلّ النزاع. وتبعه على ذلك المحقّقان : النائينيّ والعراقيّ. راجع فرائد الاصول ٢ : ٨٧ ، فوائد الاصول ٣ : ٣٧٨ ، نهاية الأفكار ٣ : ٢٤٨.
ولعلّ السرّ فيما أفاده الشيخ الأعظم ومن تبعه أنّ الأخباريّين لم يتمسّكوا بالعلم الإجماليّ في الشبهات الوجوبيّة ولم يلتزموا بوجوب الاحتياط فيها ، فلا نزاع معهم إلّا في الشبهات التحريميّة الناشئة من فقد النص ، فلا جدوى في إدراج الشبهات الوجوبيّة في محلّ النزاع.
(٢) أي : بلزوم الاحتياط.
(٣) هكذا في النسخ. والاولى أن يقول : «غير التكاليف الفعليّة المثبتة من الطرق والأمارات» ، أو يقول : «غير التكاليف الفعليّة المثبتة في موارد الطرق والأمارات» ، أو يقول : «غير التكاليف الفعليّة في موارد الطرق والاصول المثبتة».
وتوضيح الجواب : أنّ لنا علمين إجماليّين :
الأوّل : العلم الإجماليّ الكبير ، وهو ما يكون أطرافه جميع المشتبهات وموارد الأخبار والأمارات المعتبرة وغير المعتبرة. فنعلم إجمالا بوجود تكاليف شرعيّة فيها ، إذ لا معنى للشرع الخالي عن التكليف ، ولا نحتمل مخالفة جميع الأمارات للواقع.
الثاني : العلم الإجماليّ الصغير ، وهو ما يكون أطرافه خصوص موارد قيام الأمارات ـ