لا يقال : هذا لو قيل بدلالتها على استحباب نفس العمل الّذي بلغ عليه الثواب بعنوانه (١) ، وأمّا لو دلّ (٢) على استحبابه لا بهذا العنوان ، بل بعنوان أنّه محتمل الثواب (٣) ، لكانت دالّة على استحباب الإتيان به بعنوان الاحتياط ، كأوامر الاحتياط لو قيل بأنّها للطلب المولويّ لا الإرشاديّ.
فإنّه يقال : إنّ الأمر بعنوان الاحتياط (٤) ولو كان مولويّا لكان توصّليّا (٥). مع أنّه لو كان عباديّا لما كان مصحّحا للاحتياط ومجديا في جريانه في العبادات ، كما أشرنا إليه آنفا(٦).
[مفاد أخبار من بلغ]
ثمّ أنّه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار (٧) على استحباب ما بلغ عليه الثواب ، فإنّ صحيحة هشام بن سالم المحكيّة عن المحاسن عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له ، وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله» (٨) ظاهرة في أنّ الأجر كان مترتّبا على نفس العمل الّذي
__________________
(١) أي : بعنوانه الأوّلي.
(٢) هكذا في جميع النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «لو دلّت».
(٣) بمعنى أنّها تدلّ على أنّ كلّ عمل متحمل الثواب مستحبّ.
(٤) هكذا في جميع النسخ. والصحيح أن يقول : «أنّ الأمر به بعنوان الاحتياط».
(٥) إذ لم يدل دليل على تعبّديّته ولا على توصّليّته ، والأصل حينئذ هو التوصّليّة. وإذا كان الأمر به ـ بعنوان الاحتياط ومحتمل الثواب ـ توصّليّا لم ينفع في تصحيح قصد القربة في العبادة المشكوكة.
(٦) حيث قال : «لما كان يجدي في جريانه ...». وحاصله : أنّه إذا دلّت أخبار «من بلغ» على استحباب محتمل الثواب صار العمل مستحبّا ، وحينئذ لا مجال للاحتياط المتقوّم باحتمال الأمر ، سواء صار نفس العمل مستحبّا بعنوانه الأوّلي أو صار مستحبّا بعنوان محتمل الثواب.
(٧) أي : أخبار «من بلغ».
(٨) المحاسن (للبرقيّ) ١ : ٢٥ ، الحديث ٢ ؛ وسائل الشيعة ١ : ٦٠ الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٣.