ثمّ لا يذهب عليك : أنّه على تقدير لزوم الموافقة الالتزاميّة وكان المكلّف متمكّنا منها تجب (١) ـ ولو فيما لا تجب عليه الموافقة القطعيّة عملا ، ولا تحرم المخالفة القطعيّة عليه كذلك أيضا ، لامتناعهما (٢) ، كما إذا علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمته ـ ، للتمكّن (٣) من الالتزام بما هو الثابت واقعا والانقياد له والاعتقاد به بما هو الواقع والثابت وإن لم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة.
وإن أبيت إلّا عن لزوم الالتزام به بخصوص عنوانه (٤) لما كانت موافقته القطعيّة الالتزاميّة حينئذ ممكنة ، ولما وجب عليه الالتزام بواحد قطعا (٥) ، فإنّ محذور الالتزام بضدّ التكليف عقلا ليس بأقلّ من محذور عدم الالتزام به بداهة ، مع ضرورة أنّ التكليف ـ لو قيل باقتضائه للالتزام ـ لم يكد يقتضي إلّا الالتزام بنفسه عينا ، لا الالتزام به أو بضدّه تخييرا(٦).
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «لو كان المكلّف متمكّنا منها لوجب ...». والصحيح ما أثبتناه. والضمير المستتر في قوله : «تجب» يرجع إلى الموافقة الالتزاميّة.
(٢) تعليل لعدم وجوب الموافقة القطعيّة عملا وعدم حرمة المخالفة كذلك.
(٣) تعليل لقوله : «تجب». أي : تجب الموافقة الالتزاميّة ، لتمكّنه منها ، بأن يلتزم بما هو الثابت واقعا ، وإن لم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة.
(٤) أي : بعنوان أنّه واجب ، أو بعنوان أنّه حرام.
(٥) لا خصوص الوجوب ولا خصوص الحرمة. وذلك لإمكان أن يكون الحكم الملتزم به ضدّ الحكم الواقعيّ.
(٦) والحاصل : أنّ في لزوم الالتزام بما هو الثابت بعنوانه الخاصّ ـ من الوجوب أو الحرمة ـ محذورين :
الأوّل : أنّه يحتمل أن يكون الحكم الملتزم به ضدّ الحكم الواقعيّ. فلو التزم به بعنوان أنّه واجب وكان الثابت واقعا حراما التزم بما هو ضدّ الحكم الواقعي ، وكذا لو التزم به بعنوان أنّه حرام. وحينئذ لا يمكن الموافقة القطعيّة ، لعدم معرفة المكلّف به كي يلتزم به. فلا يجب الالتزام بواحد معيّن. وعليه فمحذور الالتزام بضدّ التكليف ليس بأقلّ من محذور عدم الالتزام به.
الثاني : أنّ التكليف إذا اقتضى وجوب الالتزام لا يقتضي إلّا الالتزام بنفسه عينا ، لا الالتزام به أو بضدّه تخييرا.