غالبة على مصلحته ، ولذا لا يقع صحيحا على الامتناع ، فإنّ الحزازة والمنقصة فيه مانعة عن صلاحيّة التقرّب به ، بخلاف المقام ، فإنّه (١) على ما هو عليه من الرجحان وموافقة الغرض ـ كما إذا لم يكن تركه راجحا ـ بلا حدوث حزازة فيه أصلا.
وإمّا لأجل (٢) ملازمة الترك لعنوان كذلك من دون انطباقه عليه ، فيكون كما إذا انطبق عليه من غير تفاوت ، إلّا في أنّ الطلب المتعلّق به حينئذ ليس بحقيقيّ ، بل بالعرض والمجاز ، فإنّما يكون (٣) في الحقيقة متعلّقا بما يلازمه من العنوان بخلاف صورة الانطباق لتعلّقه به حقيقة (٤) ، كما في سائر المكروهات من غير فرق ، إلّا أنّ منشأه فيها حزازة ومنقصة في نفس الفعل وفيه رجحان في الترك من دون حزازة في الفعل أصلا ، غاية الأمر كون الترك أرجح.
نعم (٥) ، يمكن أن يحمل النهي في كلا القسمين على الإرشاد إلى الترك الّذي
__________________
ـ كونه مقدّمة له ـ حراما ويفسد لو كان عبادة. مع أنّه لا حزازة في فعله وإنّما كان النهي عنه وطلب تركه لما فيه من المقدّميّة له وهو على ما هو عليه من المصلحة ، فالمنع عنه لذلك كاف في فساده لو كان عبادة.
قلت : يمكن أن يقال : إنّ النهي التحريميّ لذلك وإن كان كافيا في ذلك بلا إشكال ، إلّا أنّ التنزيهيّ غير كاف إلّا إذا كان عن حزازة فيه ، وذلك لبداهة عدم قابليّة الفعل للتقرّب به منه تعالى مع المنع عنه وعدم ترخيصه في ارتكابه. بخلاف التنزيهيّ عنه إذا كان لا لحزازة فيه بل لما في الترك من المصلحة الراجحة ، حيث إنّه معه مرخوص فيه وهو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبيّة له تعالى ، ولذلك لم تفسد العبادة إذا كانت ضدّ المستحبّة أهمّ اتّفاقا ، فتأمّل. منه [أعلى الله مقامه].
(١) أي : الفعل ، وهو الصوم يوم عاشوراء ـ مثلا ـ.
(٢) هذا ثاني الوجوه الّتي أجاب بها المصنّف رحمهالله عن إشكال القسم الأوّل. وحاصله : أنّ الوجه في النهي التنزيهيّ عن صوم عاشوراء هو ملازمة تركه لعنوان راجح ذي مصلحة أكثر من مصلحة فعله ، فيرجّح الترك لتحقّق تلك المصلحة الملازمة له. مثلا : تعلّق النهي بصوم يوم عاشوراء لملازمة تركه لحال البكاء على أبي عبد الله عليهالسلام. والمفروض أنّ مصلحة البكاء في يوم عاشوراء أكثر من مصلحة صومه.
(٣) أي : يكون الطلب.
(٤) أي : لتعلّق الطلب بالترك حقيقة.
(٥) وهذا هو الوجه الثالث من الوجوه الّتي ذكرها المصنّف رحمهالله في الجواب عن إشكال القسم ـ