مسألتين مع وحدة الموضوع وتعدّد الجهة المبحوث عنها (١) ، وعقد مسألة واحدة في صورة العكس (٢) ، كما لا يخفى (٣).
ومن هنا انقدح أيضا فساد الفرق بأنّ النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا ، وهناك في دلالة النهي لفظا ، فإنّ مجرّد ذلك لو لم يكن تعدّد الجهة في البين لا يوجب إلّا تفصيلا في المسألة الواحدة ، لا عقد مسألتين. هذا مع عدم اختصاص النزاع في تلك المسألة بدلالة اللفظ ، كما سيظهر (٤).
__________________
(١) كما كان كذلك في مباحث الأوامر ، فإنّ الموضوع فيها ـ وهو الأمر ـ واحد ، ولكن جهات البحث عن الأمر متعدّدة. فقد يبحث عن كونه ظاهرا في الوجوب ، وقد يبحث عن دلالته على الفور أو التراخي ، وقد يبحث عن دلالته على المرّة أو التكرار ، وهكذا. ولأجل تعدّد جهات البحث عقدوا لكلّ منها مسألة.
(٢) أي : في صورة وحدة جهة البحث وتعدّد الموضوع ، كالاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدة الموضوع التي جهة البحث عنها واحدة ، فلذا عقدت لها مسألة واحدة.
(٣) وذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ المسألتين يفترقان موضوعا وجهة.
أمّا موضوعا : فلأنّ موضوع البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي هو ما إذا تعلّق الأمر بعنوان والنهي بعنوان آخر وكانت النسبة بين العنوانين العموم من وجه. وموضوع البحث في مسألة النهي عن العبادة هو ما إذا تعلّق النهي ببعض ما تعلّق الأمر به على وجه تكون النسبة بين المتعلّقين العموم المطلق.
وأمّا جهة : فلأنّ جهة البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي هو اتّحاد المتعلّقين وعدمه. وهي في مسألة النهي عن العبادة اقتضاء النهي للفساد. فوائد الأصول ٢ : ٤٥٤.
وأفاد المحقّق العراقيّ أنّ الفرق بينهما أنّ الفساد في مسألتنا هذه ـ على الامتناع ـ يدور مدار العلم بالنهي ، لا مدار النهي بوجوده الواقعيّ النفس الأمريّ. بخلافه في مسألة النهي عن العبادة ، فإنّ الفساد فيها ـ على الاقتضاء ـ يدور مدار وجود النهي واقعا وعدمه. نهاية الأفكار ٢ : ٤٥٠ ـ ٤٥١.
وقال السيّد المحقّق الخوئيّ : «إنّ النقطة الرئيسيّة لامتياز إحدى المسألتين عن الاخرى هي أنّ جهة البحث في إحداهما ـ وهي مسألة اجتماع الأمر والنهي ـ صغرويّة ، وفي الاخرى كبرويّة». المحاضرات ٤ : ١٦٦.
والفارق بينهما عند السيّد الإمام الخمينيّ هو اختلافهما في الموضوع والمحمول.
مناهج الوصول ٢ : ١١٠.
(٤) والحاصل : أنّه قد يتخيّل أنّ الفرق بين المسألتين أنّ البحث في هذه المسألة عقليّ ، ـ