كان بولا لمأكول (١) ليس من أصالة الطهارة بعد عدم جريان الاستصحاب ، بل هو من الدليل ، نظير استفادة نجاسة بول المأكول إذا صار بولا لغير مأكول.
ومن الثالث : استحالة العذرة (٢) أو الدّهن المتنجّس دخانا ، والمنيّ حيوانا. ولو نوقش في بعض الأمثلة المذكورة ، فالمثال غير عزيز على المتتبّع المتأمّل.
معنى قولهم : «الأحكام تدور مدار الأسماء»
وممّا ذكرنا يظهر أنّ معنى قولهم «الأحكام تدور مدار الأسماء» ، أنّها تدور مدار أسماء موضوعاتها التي هي المعيار في وجودها وعدمها ، فإذا قال الشارع : العنب حلال ، فإن ثبت كون الموضوع هو مسمّى هذا الاسم ، دار الحكم مداره ، فينتفي عند صيرورته زبيبا ، أمّا إذا علم من العرف أو غيره أنّ الموضوع هو الكلّيّ الموجود في العنب المشترك بينه وبين الزبيب ، أو بينهما وبين العصير ، دار الحكم مداره أيضا.
نعم ، يبقى دعوى : أنّ ظاهر اللفظ في مثل القضيّة المذكورة كون الموضوع هو العنوان ، وتقوّم الحكم به ، المستلزم لانتفائه بانتفائه.
لكنّك عرفت : أنّ العناوين مختلفة ، والأحكام أيضا مختلفة (٣) ، وقد تقدّم حكاية بقاء نجاسة الخنزير المستحيل ملحا عن أكثر أهل العلم ، واختيار الفاضلين له (٤).
__________________
(١) في (ظ): «بول المأكول».
(٢) في (ص) ونسخة بدل (ت) زيادة : «دودا».
(٣) راجع أوّل الصفحة السابقة.
(٤) لم تتقدم حكاية ذلك عن أهل العلم. نعم ، نسبه إلى أكثر أهل العلم في المنتهى ٣ : ٢٨٧.