الاستصحاب على المداقّة العقليّة (١).
ثمّ إنّ للفاضل التونيّ كلاما يناسب المقام ـ مؤيّدا لبعض ما ذكرناه ـ وإن لم يخل بعضه عن النظر بل المنع. قال في ردّ تمسّك المشهور في نجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التذكية :
كلام الفاضل التوني تأييدا لبعض ما ذكرنا
إنّ عدم المذبوحيّة لازم لأمرين : الحياة ، والموت حتف الأنف. والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو ، بل ملزومه الثاني ، أعني : الموت حتف الأنف ، فعدم المذبوحيّة لازم أعمّ لموجب النجاسة ، فعدم المذبوحيّة اللازم (٢) للحياة مغاير لعدم المذبوحيّة العارض للموت حتف أنفه. والمعلوم ثبوته في الزمان السابق هو الأوّل لا الثاني ، وظاهر أنّه غير باق في الزمان الثاني ، ففي الحقيقة يخرج مثل هذه الصورة من الاستصحاب ؛ إذ شرطه بقاء الموضوع ، وعدمه هنا معلوم. قال :
وليس مثل المتمسّك بهذا الاستصحاب إلاّ مثل من تمسّك على وجود عمرو في الدار (٣) باستصحاب بقاء الضاحك المتحقّق بوجود زيد في الدار في الوقت الأوّل. وفساده غنيّ عن البيان (٤) ، انتهى.
بعض المناقشات فيما أفاد الفاضل التوني
أقول : ولقد أجاد فيما أفاد ، من عدم جواز الاستصحاب في المثال المذكور ونظيره ، إلاّ أنّ نظر المشهور ـ في تمسّكهم على النجاسة ـ إلى أنّ
__________________
(١) انظر الصفحة ٢٩٤ ـ ٣٠٢.
(٢) في المصدر بدل «اللازم» : «العارض».
(٣) في المصدر زيادة : «في الوقت الثاني».
(٤) الوافية : ٢١٠.