هذه المراتب ، فتكون الآية مجملة في نفسها من هذه الناحية ، وإن كانت مبيّنة بالأحاديث عن آل البيت عليهمالسلام الكاشفة عن إرادة القطع من أصول الأصابع.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب (١)» وأمثاله من المركّبات التي تشتمل على كلمة «لا» التي لنفي الجنس نحو : «لا صلاة إلاّ بطهور (٢)» ، و «لا بيع إلاّ في ملك (٣)» ، و «لا صلاة لمن جاره المسجد إلاّ في المسجد (٤)» ، و «لا غيبة لفاسق (٥)» ، و «لا جماعة في نافلة (٦)» ، ونحو ذلك.
فإنّ النفي في مثل هذه المركّبات موجّه ظاهرا لنفس الماهيّة والحقيقة ، وقالوا : إنّ إرادة نفي الماهيّة متعذّر فيها ، فلا بدّ أن يقدّر ـ بطريق المجاز ـ وصف للماهيّة هو المنفيّ حقيقة ، نحو : الصحّة ، والكمال ، والفضيلة ، والفائدة ، ونحو ذلك. ولمّا كان المجاز مردّدا بين عدّة معان ، كان الكلام مجملا ، ولا قرينة في نفس اللفظ تعيّن واحدا منها ، فإنّ نفي الصحّة ليس بأولى من نفي الكمال أو الفضيلة ، ولا نفي الكمال بأولى من نفي الفائدة ... وهكذا.
وأجاب بعضهم (٧) بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت ألفاظ العبادات والمعاملات موضوعة للأعمّ ، فلا يمكن فيها نفي الحقيقة.
وأمّا : إذا قلنا بالوضع للصحيح فلا يتعذّر نفي الحقيقة ، بل هو المتعيّن على الأكثر ، فلا إجمال.
وأمّا : في غير الألفاظ الشرعيّة مثل قولهم : «لا علم إلاّ بعمل» فمع عدم القرينة يكون
__________________
(١) هذا مفاد الروايات الواردة في باب وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة. الوسائل ٤ : ٧٣٢ ، الباب ١ من أبواب القراءة في الصلاة.
(٢) الوسائل ١ : ٢٥٦ ، الباب ١ من أبواب الوضوء ، الحديث : ١ و ٦.
(٣) وهذا مستفاد من الروايات الواردة في باب اشتراط كون المبيع مملوكا. الوسائل ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٤) وهذا مفاد الروايات الدالّة على كراهة تأخّر جيران المسجد عنه. الوسائل ٣ : ٤٧٨ ، الباب ٢ من أبواب أحكام المسجد ؛ و ٥ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الجماعة.
(٥) بحار الأنوار ٧٥ : ٢٣٣.
(٦) الوسائل ٥ : ١٨٢ ، الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان.
(٧) وهو المحقّق القميّ في القوانين ١ : ٣٣٨.