الباب السابع
المجمل والمبيّن
وفيه مسألتان :
١. معنى المجمل والمبيّن
عرّفوا المجمل اصطلاحا بـ «أنّه ما لم تتّضح دلالته (١)» ، ويقابله المبيّن. وقد ناقشوا هذا التعريف بوجوه لا طائل في ذكرها. والمقصود من المجمل ـ على كلّ حال ـ ما جهل فيه مراد المتكلّم ومقصوده إذا كان لفظا ، وما جهل فيه مراد الفاعل ومقصوده إذا كان فعلا ؛ ومرجع ذلك إلى أنّ المجمل هو اللفظ أو الفعل الذي لا ظاهر له (٢) ، وعليه يكون المبيّن ما كان له ظاهر يدلّ على مقصود قائله أو فاعله على وجه الظنّ أو اليقين. فالمبيّن يشمل الظاهر والنصّ معا.
ومن هذا البيان نعرف أنّ المجمل يشمل اللفظ والفعل اصطلاحا ، وإن قيل : إنّ المجمل اصطلاحا مختصّ بالألفاظ ، ومن باب التسامح يطلق على الفعل ، ومعنى كون الفعل مجملا أن يجهل وجه وقوعه (٣) ، كما لو توضّأ الإمام ـ مثلا ـ بحضور واحد يتّقي منه أو يحتمل أنّه يتّقيه ، فيحتمل أنّ وضوءه وقع على وجه التقيّة ، فلا يستكشف مشروعيّة الوضوء على الكيفيّة التي وقع عليها ، ويحتمل أنّه وقع على وجه الامتثال للأمر الواقعيّ فيستكشف منه
__________________
(١) قوانين الأصول ١ : ٣٣٢ ؛ الفصول الغرويّة : ٢٢٣ ؛ معالم الدين : ١٧٠.
(٢) كما في كفاية الأصول : ٢٩٣.
(٣) الفصول الغرويّة : ٢٢٤ ؛ مطارح الأنظار : ٢٢٥.