ثمّ على كلّ من التقديرين ، إمّا أن يكون المخصّص متّصلا أو منفصلا. والحكم في المقام يختلف باختلاف هذه الأقسام الأربعة في الجملة ، فلنذكرها بالتفصيل :
١ ، ٢. فيما إذا كان المخصّص متّصلا ، سواء كان الدوران فيه بين الأقلّ والأكثر أو بين المتباينين ؛ فإنّ الحقّ فيه أنّ إجمال المخصّص يسري إلى العامّ ، أي إنّه لا يمكن التمسّك بأصالة العموم لإدخال المشكوك في حكم العامّ.
وهو واضح على ما ذكرناه سابقا من أنّ المخصّص المتّصل من نوع قرينة الكلام المتّصلة ، فلا ينعقد للعامّ ظهور إلاّ فيما عدا الخاصّ ، فإذا كان الخاصّ مجملا سرى إجماله إلى العامّ ؛ لأنّ ما عدا الخاصّ غير معلوم ، فلا ينعقد للعامّ ظهور فيها لم يعلم خروجه عن عنوان الخاصّ.
٣. في الدوران بين الأقلّ والأكثر إذا كان المخصّص منفصلا ، فإنّ الحقّ فيه أنّ إجمال الخاصّ لا يسري إلى العامّ ، أي إنّه يصحّ التمسّك بأصالة العموم لإدخال ما عدا الأقلّ في حكم العامّ.
والحجّة فيه واضحة بناء على ما تقدّم في الفصل الثاني (١) من أنّ العامّ المخصّص بالمنفصل ينعقد له ظهور في العموم ، وإذا كان يقدّم عليه الخاصّ فمن باب تقديم أقوى الحجّتين ؛ فإذا كان الخاصّ مجملا في الزائد على القدر المتيقّن منه ، فلا يكون حجّة في الزائد ؛ لأنّه ـ حسب الفرض ـ مجمل لا ظهور له فيه ، وإنّما تنحصر حجّيّته في القدر المتيقّن وهو الأقل.
فكيف يزاحم العامّ المنعقد ظهوره في الشمول لجميع أفراده التي منها القدر المتيقّن من الخاصّ ومنها القدر الزائد عليه المشكوك دخوله في الخاصّ ؛ فإذا خرج القدر المتيقّن بحجّة أقوى من العامّ يبقى القدر الزائد لا مزاحم لحجّيّة العامّ وظهوره فيه.
٤. في الدوران بين المتباينين إذا كان المخصّص منفصلا ، فإنّ الحقّ فيه أنّ إجمال الخاصّ يسري إلى العامّ ، كالمخصّص المتّصل ؛ لأنّ المفروض حصول العلم الإجماليّ بالتخصيص واقعا ، وإن تردّد بين شيئين ، فيسقط العموم عن الحجّيّة في كلّ واحد منهما.
__________________
(١) راجع الصفحة : ١٥٥ ـ ١٥٦.