الخامس : مفهوم العدد
لا شكّ في أنّ تحديد الموضوع بعدد خاصّ لا يدلّ على انتفاء الحكم فيما عداه ، فإذا قيل : «صم ثلاثة أيّام من كلّ شهر» ؛ فإنّه لا يدلّ على عدم استحباب صوم غير الثلاثة الأيّام ، فلا يعارض الدليل على استحباب صوم أيّام أخر.
نعم ، لو كان الحكم للوجوب ـ مثلا ـ وكان التحديد بالعدد من جهة الزيادة لبيان الحدّ الأعلى ، فلا شبهة في دلالته على عدم وجوب الزيادة ، كدليل صوم ثلاثين يوما من شهر رمضان ، ولكن هذه الدلالة من جهة خصوصيّة المورد ، لا من جهة أصل التحديد بالعدد ، حتّى يكون لنفس العدد مفهوم.
فالحقّ أنّ التحديد بالعدد لا مفهوم له.
السادس : مفهوم اللقب
المقصود باللقب كلّ اسم ـ سواء كان مشتقّا أم جامدا ـ وقع موضوعا للحكم ، كالفقير في قولهم : «أطعم الفقير» ، وكالسّارق والسّارقة في قوله (تعالى) : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما﴾ (١).
ومعنى مفهوم اللقب نفي الحكم عمّا لا يتناوله عموم الاسم.
وبعد أن استشكلنا في دلالة الوصف على المفهوم ، فعدم دلالة اللقب أولى ، فإنّ نفس موضوع الحكم بعنوانه لا يشعر بتعليق الحكم عليه ، فضلا عن أن يكون له ظهور في الانحصار.
نعم ، غاية ما يفهم من اللقب عدم تناول شخص الحكم لغير ما يشمله عموم الاسم ، وهذا لا كلام فيه ، أمّا عدم ثبوت نوع الحكم لموضوع آخر فلا دلالة له عليه أصلا.
وقد قيل : «إنّ مفهوم اللقب أضعف المفهومات» (٢).
__________________
(١) المائدة (٥) الآية : ٣٨.
(٢) لم أعثر على قائله. نعم ، نسب القول بدلالته على المفهوم إلى الدقّاق والصيرفيّ وبعض الحنابلة. راجع مطارح الأنظار : ١٩١ ، وقوانين الأصول ١ : ١٩١.